
كتب معروف الداعوق في اللواء:
عرس الديمقراطية بإنجاز استحقاق الانتخابات البلدية في كل لبنان، كما اطلق عليه اكثر من مسؤول بارز في الدولة والعديد من السياسيين، قول تباهى فيه اركان الدولة، باعتباره مؤشراً، يعبر عن جديّة السلطة في الالتزام باجراء الانتخابات بمواعيدها، بالرغم من الصعوبات التي تعيق مسيرة الدولة عموما، بسبب تداعيات الحرب الاسرائيلية على لبنان واستمرار الخروقات والقصف والاعتداءات المتواصلة جنوبا، وترهل الادارات الرسمية،من اجل اكمال مسيرة التعافي والنهوض بلبنان نحو الافضل.
ولكن بالرغم من اجراء هذه الانتخابات البلدية في كل لبنان، بأقل نسبة من المشاكل والتعقيدات، الا انه سجلت ممارسات ووقائع لافتة على هامش الانتخابات، لا بد من التوقف عندها، اولها استمرار تأثير وهيمنة الاحزاب والمليشيات، على مجرى العملية الانتخابية، جزئيا او كلياً، حسب سيطرتها ونفوذها، ولاسيما مناطق انتشار حزب الله وتحديدا في منطقة نفوذه بالجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، ابقى هيمنة وترهيب سلاحه المتبقي، سيفاً مسلطاً على رؤوس الناخبين، ما نتج عنه امتناع الشخصيات المستقلة، او من اتجاهات سياسية مغايرة عن الترشح، تحت ضغط التهديد المتواصل.
واكثر من ذلك، لوحظ ان عدد البلديات التي فازت بالتزكية، في مناطق سيطرة حزب الله وحركة امل في محافظتي الجنوب والنبطية، بلغ رقماً قياسياً، فاق الماية بلدية،استنادا الى النتائج الصادرة عن وزارة الداخلية، وهو رقم لم تسجله اي انتخابات بلدية سابقة، ويعكس بوضوح مدى تأثير سلاح الحزب على مجرى العملية الانتخابية، ترشحاً وانتخاباً، والمستوى غير المسبوق، في التدخل المباشر، وحجم التهديدات التي مورست بحق المواطنين الذين كانوا ينوون خوض الانتخابات، وانكفأوا خشية تعرضهم للإيذاء والضرر.
واقع استمرار وجود السلاح غير الشرعي لحزب الله، قطع الطريق امام انتخاب شخصيات غير حزبية، مشهود لها بالعمل الدؤوب والكفاءة، لإحداث نقلة نوعية بتنمية هذه المناطق، والتي هي بحاجة ماسّة لها في هذه الظروف الصعبة والمعقدة، وحرف الانتخابات البلدية عن هدفها الحقيقي، ولم يغير الواقع السابق لسيطرة الحزب وحركة امل على البلديات وقراراتها، للتنمية والنهوض بمناطق الجنوب نحو الافضل.
وجود سلاح حزب الله، الذي يؤكد رئيس الجمهورية بأن القرار الرسمي لنزعه قد اتخذ، وهناك حوار يجري الآن لتهيئة الارضية، والظروف المؤاتية لذلك، يخضع الآن لتجاذبات محلية وضغوط محلية وخارجية لنزعه، وتسليمه للدولة اللبنانية، بعدما فقد اي مبرر لوجوده، وبات يشكّل عبئا كبيرا على لبنان كله، لانعدام اي تأثير ملموس له في الحماية من الاعتداءات الاسرائيلية، فرَّغَ استحقاق الانتخابات البلدية، من مضمونه الديموقراطي التغييري، وشوَّه صورته كما حدث في مناطق نفوذ لاحزاب اخرى، وحوَّله بتهديد سلاحه، الى انجاز هيمنة بإظهار استمرار نفوذه وسيطرته وامساكه، بمفاصل العمل البلدي بقوة سلاحه، لفترة غير معلومة حتى الآن.