
مع تصاعد الأحداث في محافظة السويداء خلال الأسبوع الماضي، تحوّلت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة معركة موازية، تغذيها الشائعات والمقاطع المفبركة، وسط ما وصفه مراقبون بـ”انفجار إعلامي موجه”، تقوده جيوش إلكترونية منظمة تُعرف بـ”الذباب الإلكتروني”.
فمنصات مثل إكس وفيسبوك وتيك توك باتت مرتعًا لمحتوى مضلل من صور وفيديوهات خارجة عن سياقها، تساهم في تعميق الانقسام، وتأجيج الرأي العام المحلي. وكشف وزير الإعلام السوري، حمزة المصطفى، عبر منشور له على “إكس”، أن نحو 300 ألف حساب نشط تُشارك في هذه الحملة المنظمة، مصدرها أربع دول رئيسية.
المصطفى حذّر من أن بعض المحتويات المضللة تتخذ طابعًا مؤيدًا ظاهريًا للدولة، لكنها في جوهرها تُروّج لخطاب تفكيكي يهدد نسيج المجتمع السوري، مؤكدًا أن الوزارة تبذل جهودًا تقنية للحد من إنشاء الحسابات الجديدة التي تجاوزت 10 آلاف حساب يوميًا خلال الأيام الماضية.
وفي السياق ذاته، رصدت وحدة التحقق الإخباري “سند” التابعة لشبكة الجزيرة أكثر من 10 حالات تضليل خلال 48 ساعة فقط، شملت فيديوهات قديمة وصور من خارج سوريا، استُخدمت بشكل ممنهج لتضليل الرأي العام.
من بين هذه الادعاءات، مقطع قيل إنه يظهر الرئيس أحمد الشرع بين مقاتلي السويداء، ليتبين لاحقًا أنه يعود لزيارة أجراها في ريف إدلب مطلع عام 2024. كما تبيّن أن فيديو آخر وُصف بعملية انغماسية لعشائر السويداء يعود في الواقع إلى معركة تعود لعام 2016.
وتداول البعض صورة لعملية إعدام نُسبت زيفًا لأحداث السويداء، لكن التحقق أثبت أنها التُقطت في المكسيك هذا الشهر، ولا علاقة لها بسوريا. حتى خبر عاجل نُسب زورًا لقناة الجزيرة حول محاولة اغتيال مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، تبيّن لاحقًا أنه مفبرك بالكامل.
هذا السيل من الأخبار الكاذبة دفع عددًا من النشطاء ومستخدمي التواصل الاجتماعي إلى مطالبة وزارة الإعلام السورية بـتشكيل فرق متخصصة للتعامل مع التضليل الرقمي، وعقد مؤتمرات صحفية يومية لتوضيح الحقائق وتفنيد الإشاعات.
وفي ختام تدوينته، شدد وزير الإعلام على أهمية توخي الدقة وتحري المعلومة من مصادرها الرسمية، داعيًا السوريين إلى عدم الانجرار خلف محتوى التحريض الذي يهدد أمن المجتمع واستقراره، في ظل حرب إعلامية خفية لا تقل خطورة عن أي صراع ميداني.