سلايداتمحليات

هكذا واجه الجيش تداعيات أحداث السويداء

 

تفاعلت الساحة اللبنانية بقوة مع أحداث السويداء بحكم الترابط الجيو سياسي وتشابه التكوين الطائفي. وكادت شرارة الحريق السوري تنتقل إلى «البراري» اللبنانية، لولا صوت بعض الحكماء والتدابير الوقائية للجيش.

يمكن القول انّ لبنان مرّ خلال الأيام الماضية في «قطوع» حقيقي كاد يهدّد سلمه الأهلي، بعدما تحرك «فالق» الاحتقان الطائفي تحت تأثير المواجهات التي وقعت في السويداء بين الدروز من جهة والعشائر العربية وقوات النظام من جهة أخرى.

وقد انعكس هذا الاحتقان تصعيداً في الخطاب الطائفي وتشنجاً على الأرض في أكثر من مكان، الأمر الذي أشاع مخاوف من احتمال حصول فتنة، لو لم يتمّ تدارك الموقف من مرجعيات دينية وسياسية، استشعرت بالخطر الداهم، إلى جانب الدور الحازم للجيش.

وعُلم انّ قيادة الجيش دقّت ناقوس الخطر، بعدما رصدت إشارات مقلقة، وأبلغت إلى أصحاب الرؤوس الحامية رسالة مفادها: «السلم الاهلي والاستقرار الداخلي خط أحمر ممنوع تجاوزه، ومن يحاول خرقه سيُضرب بيد من حديد، فلا يلومن أحد الجيش اذا لم يؤخذ هذا التنبيه على محمل الجد».

وتفيد المعلومات في هذا الإطار ان مديرية المخابرات تواصلت مع بعض المشايخ والموالين المتحمسين لنظام احمد الشرع في عدد من أحياء الشمال، وطلبت منهم ضبط النفس وتخفيف حدّة الخطاب الإنفعالي، موجّهة إليهم «نصيحة» بعدم توتير الشارع وجرّه إلى اي فتنة. كذلك تواصلت المديرية مع فعاليات درزية وحضّتها على التهدئة وعدم تصعيد التحركات الميدانية على الارض.

وشدّد الجيش في اتصالاته مع أصحاب التأثير، على أنّ لا مصلحة لأحد في نقل المواجهة الدامية في سوريا إلى لبنان، لأنّ من شأن ذلك أن يؤدي إلى خسارة عبثية وأثمان مجانية، لافتاً إلى انّ العدو الإسرائيلي سيكون المستفيد الوحيد من أي فتنة.

وكان لافتاً انّ قائد الجيش العماد رودولف هيكل دخل شخصياً على خط احتواء مؤشرات التوتر الداخلي، في دلالة على دقّة الموقف وحساسيته، فزار شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى، واتصل بمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، واضعاً إياهما في صورة التحدّيات الراهنة ومتطلبات التصدّي لها.

وبهذا المعنى، لم يكتف الجيش باستنفار قواه لتطويق أي خلل أمني قبل تفاقمه، بل اعتمد أيضاً استراتيجية «الأمن السياسي» لتبريد الصفيح الساخن، على قاعدة حضّ القيادات الأساسية على تحمّل مسؤولياتها والمساهمة في نزع فتائل التوتر من خلال اعتماد لغة عاقلة بعيداً من الخطاب التحريضي.

وانطلق الجيش في هذه المقاربة من معادلة أن نزع الغطاء السياسي او الديني مسبقاً عن كل من يمكن أن ينخرط في أعمال تهدّد الاستقرار، سيُسهّل ضبط الشارع والسيطرة عليه، في اعتبار أنّ العابثين بالأمن سيكونون عندها معزولين وبلا مظلة تحميهم.

ويتابع الجيش في الوقت نفسه مراقبة نواة الخلايا الكامنة وملاحقة خيوطها، لإبقائها تحت الضغط ومنعها من أخذ المبادرة الهجومية.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى