
ممنوع أن تتغير الصورة والمضمون، فبقاء فزاعة التطرف والتهويل بها، تبرر لهؤلاء احتفاظهم بسلاحهم ونفوذهم، ليس لحماية أنفسهم من إسرائيل، فهذا الموال انتهى، وهم يحاولون بشتى الطرق إفهام الأميركيين أن سلاحهم لم يعد ضد إسرائيل، وأنهم لن يخالفوا اتفاق وقف إطلاق النار، الذي ارتضوه في تشرين الثاني من العام الماضي.
بالتالي هم استقالوا من مواجهة من يواصل بوحشية إبادة الشعب الفلسطيني في غزة، بحجة القضاء على حركة «حماس». أكثر من ذلك، مسؤولون في رأس محورهم ينفون أنهم رغبوا أو يرغبون في «إزالة إسرائيل من الوجود».
وعلى الرغم من هذه الواقعية التي نزلت عليهم كالوحي، هم يرفضون تسليم السلاح للدولة اللبنانية، لأن في بالهم موالًا جديد، الا وهو درء خطر «الدواعش» الذين يفترض أن تُفرخ خلاياهم في لبنان، من دون إغفال ما يُروج عن جحافل متطرفين سُنَّة على الحدود الشمالية والشرقية، متربصة بالأقليات من شيعة وعلويين ومسيحيين.
لذا هم يتوقون إلى تفاقم الصراعات الدموية وعمليات الانتقام، التي تدين الحكومة السورية، أو في أضعف الإيمان تظهر فشلها في التعاطي مع هذه الأحداث التي تزلزل الأمن والاستقرار المنشودين.
وفي حين تجدر الإشارة إلى أن السوريين بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم دفعوا ثمنًا باهظًا لديكتاتورية النظام الأسدي وجرائمه، ولا يتحملون أثمانًا جديدة، تلخصها صبية علوية، بقولها: «انتقلنا من فقرٍ إلى فقر، ومن خوفٍ إلى خوف، ومن قهرٍ إلى قهر».
بالتالي، ربما اليوم وقبل أي توجه آخر، حبذا لو أن حكومة الشرع، تسارع إلى مراجعة ما حصل، إن في الساحل، أو في السويداء، وبشجاعة سياسية وأخلاقية، لتتمكن من استيعابِ الأصواتِ القلقة، والانفتاح على مختلف المكوّنات، لإعادةِ بناءِ الثّقة، وإلا لن يفيدها أي دعم خارجي.
والأمنية لا تتوقف مفاعيلها عند الجانب السوري، بل تمتد إلى ربوعنا اللبنانية. ليس فقط لأن «ربيع دمشق لا بد أن يزهر في بيروت»، كما كتب الرائع سمير قصير، ذات يوم، ودفع حياته ثمنًا لذلك، ولكن لأن الممانعين سيجدون أنفسهم، إذا ما استقرت سوريا موحدة وواعدة، عراةً من الذريعة.
ربما، وخوفًا من وعي وتضافر جهود يؤديان إلى هذا الاستقرار، لن يوفر الممانعون سبيلًا لاستخدام أساليبهم المعروفة بغية إشعال نار الفتنة في الدولة الهشة.
ربما لهذا يروجون لفكرة عدم بقاء الشرع رئيسًا. هو لا يناسبهم، ليس فقط لأن جرائمهم بحق الشعب السوري خلقت عداوة لن يسهل محوها، ولكن لأن لا قيامة للمحور من دون «الوصلة السورية» التي تؤمن امتداد نفوذه وتمدده.
من هنا يصبح الجواب واضحًا وبديهيًا على السؤال: لماذا يحب الممانعون الجولاني ويكرهون الشرع؟؟