
كتبت يولا هاشم في المركزية:
منذ الزيارة الاولى للموفد الاميركي توم برّاك لبيروت وبدء تبادل الاوراق بين واشنطن ولبنان علت الصرخة القواتية منتقدة اعادة احياء الترويكا الرئاسية وعدم طرح مضمون الرد اللبناني على طاولة مجلس الوزراء لمناقشته واتخاذ القرار بالاجماع.
وزير الصناعة جو عيسى الخوري أكد في حديث تلفزيوني “عزم وزراء “القوات” طرح ملف احتكار الدولة للسلاح خلال الجلسة الحكومية المقبلة”، مشيرا إلى أنهم “أجروا اتصالات مع عدد من الوزراء الذين أبدوا تجاوبهم مع هذا الطرح”. فأين وصلت الاتصالات في هذا المجال؟
عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم يقول لـ”المركزية”: “نصرّ على وصول ملف السلاح وحصريته بيد الدولة الى خواتيمه، ووضع جدول زمني قصير لتسليمه، ومصادرة السلاح من كل المنظمات المسلحة على الأراضي اللبنانية، ووضع هذا الملف على طاولة مجلس الوزراء كي يدلي كل فريق بدلوه ويُتخذ القرار بالأكثرية أو بالتوافق. لن نتنازل عن هذه مسألة، وسيشدد وزراؤنا عليها في الجلسة الحكومية. أما عن نجاح المساعي، فأعتقد أن لا قرار حتى الساعة من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة لبحث هذا الملف على طاولة مجلس الوزراء، ويُراهنان على إجراء مفاوضات لإقناع الخارج بمنحهما بعض الوقت والداخل للتساهل مع الخطة. لكن، حتى الساعة لم ينجحا في ذلك، وما زالت الامور تشتد يومًا بعد يوم والضغط يزداد أكثر فأكثر والمسؤولية تصبح أكبر، ولا يبدو أنهما يقبلان بوضع هذا الملف على طاولة مجلس الوزراء.
ويشير كرم الى “ان العمل التنفيذي لمسألة حصرية السلاح بيد المجلس الاعلى للدفاع المخوّل التحرّك وتقع على عاتقه مسؤولية التنفيذ، لكن القرار السياسي غير موجود، ومن الواضح ان رئيسي الجمهورية والحكومة لا يرغبان في الوصول الى هذه المرحلة بعد”.
في حال لم تنجح المساعي لاتخاذ قرار بشأن حصرية السلاح، هل سنكون أمام أيلول ساخن وعودة التصعيد الاسرائيلي كما يُشاع؟ يجيب كرم: “لا يمكن تحديد موعد، مسألة الوقت متحركة ولا نعلم اي مسار تسلك التطورات، لكن الاكيد أن في حال عدم تحقيق هذا الامر بأسرع وقت، لبنان معرض لكل الاخطار ، أكان بتكثيف الضربات الاسرائيلية او تحريك للحدود الشمالية والشرقية أو أمور داخلية أخرى. عدم تحريك هذا الملف يعني ان المسؤولين لم يقرّروا أن هناك دولة في لبنان، لأن لا وجود لدولة بالتراضي من دون حسم وقرار أمني واضح. إذا كان المسؤولون لا يريدون اتخاذ هذه الخطوة الجريئة هذا يعني أننا في وضع خطر جدًا”.
ويضيف: ” توم برّاك قال أن لبنان معرض للدخول في الجمود، وهذا يعني جمود في المآسي والاوضاع السيئة ،جمود اقتصادي واجتماعي من كل الانواع، وتالياً فصل لبنان عن العالم الخارجي والمجتمع الدولي . وهذا اخطر من الحرب لأنه لا يكلّف اسرائيل خسائر. الضربات العسكرية على لبنان مكلفة بالنسبة لها بينما الجمود بقرار من المجتمع الدولي ومن أصدقاء لبنان لاعتبارهم أنه ما زال رهينة بيد حزب الله والمنظمات المسلّحة والعصابات، يعني ان لا أحد سيسأل عنا او يتدخل دبلوماسيا أو يزورنا وسيتصرفون كأنه منصة للعصابات. في المقابل، هذا الامر سيكون مريحًأ لاسرائيل لأنها ضمنت بأن لا سلاح يهددها وبدأت تعيد بناء اقتصادها، وسكانها عادوا الى منازلهم والحياة فيها أصبحت شبه طبيعية، لكنها في الوقت عينه ستستعمل آلتها العسكرية كلما شعرت بداعٍ لذلك، في حين ان لبنان يُحكم عليه بالدخول الى مرحلة الجمود ما سيؤدي الى تراجع مستوى معيشة المواطنين”.
ويختم كرم: “يحاول المسؤولون في لبنان التلاعب على الكلام والمبادرات ويتهربون من المسؤوليات لاعتقادهم ان من الممكن ان يأتي أي شيء يفكّ هذا الخناق عنهم، لكن لا شيء سينفع، لا بل ستتفاقم الامور لأن دولا كبيرة غيرنا في المنطقة دخلت في التسويات وإعادة الإعمار وتحريك العجلة الاقتصادية بينما الجمود سيكون سيد الموقف في لبنان ما لم يتمّ حسم الامور”.