سلايدات

بين الأقساط والغياب… قصة متناقضة!

في وقتٍ لم تلتقط فيه العائلات اللبنانية أنفاسها بعد من الكارثة الاقتصادية التي انفجرت عام 2019، يعود الاستنزاف من بوّابة التعليم الخاص. رواتب بالكاد تسدّ الرمق، في مقابل أقساط مدرسية تواصل صعودها بلا ضوابط، حتى باتت تهدّد حق آلاف الأولاد بالتعلّم، وسط صمت رسمي لا يخلو من التواطؤ.

أقساط بلا سقف… والدولة تتفرّج

انتهت الأزمة الاقتصادية؟ نعم، لكن فقط في المدارس الخاصة. بهذه السخرية السوداء يُختصر المشهد التربوي في لبنان. فمنذ بداية الانهيار، بدأت إدارات المدارس برفع الأقساط تدريجياً، لتبلغ اليوم مستويات صادمة، قبل نحو سبعة أسابيع من انطلاق العام الدراسي 2025-2026.

 

النائب إدغار طرابلسي، مقرر لجنة التربية النيابية، دق ناقوس الخطر، محذّراً من أقساط “متفلّتة بلا سقوف”، وقال إن الاعتراض يُقابل بالدعاوى، والمجالس التحكيمية تحوّلت إلى “الخصم والحكم”. ودعا إلى تعديل قانون 515، مؤكداً أن الأزمة ليست في النصوص، بل في تطبيقها.

 

في غياب هذا التطبيق، يجد الأهالي أنفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما: الدفع أو الهروب من التعليم الخاص.

 

من وجع أمّ… إلى مأساة وطن

قصّة أم علي، والدة لطفلين في الصفين السادس والثامن، تختصر وجع مئات العائلات. فبين ليلة وضحاها، ارتفع قسط كلّ من ولديها بنسبة تراوحت بين 60 و85%، بالدولار والليرة معاً. النتيجة: فاتورة “خيالية” لا قدرة على تحمّلها، ما دفعها إلى نقل ابنتها إلى مدرسة رسمية.

 

هذه ليست حالة فردية، بل نموذج يتكرّر في مختلف المناطق، وسط غياب أي دعم أو رقابة أو مساءلة.

 

تعاميم بلا أنياب

رغم صدور تعاميم متكررة من وزارة التربية، إلا أن الواقع لم يتغيّر. لمى الطويل، رئيسة اتحاد لجان الأهل في المدارس الخاصة، أكدت لـ”ليبانون ديبايت” أن الإدارات لا تلتزم، والوزارة لا تحاسب. ودعت أولياء الأمور إلى تقديم شكاوى خطّية ضمن نماذج جاهزة، قبل نهاية تموز أو خلال الأسبوع الأول من آب كحدّ أقصى.

 

الطويل تساءلت بمرارة: “أيعقل أن تجري هذه التعدّيات أمام أعين الجميع ولا أحد يتحرّك؟ المدارس الخاصة تسرح وتمرح، والدولة تتفرّج”.

 

وبرأيها، لا حل إلا بقرار واضح من وزيرة التربية ريما كرامي يُلزم بخفض الأقساط، أو بمرسوم طارئ من مجلس الوزراء على غرار ما حصل في أزمة كورونا.

 

بين الانهيار التربوي… والهجرة التعلّمية

أمام هذا الواقع، تتدحرج البلاد نحو انهيار تربوي شامل، وسط مؤشرات على تسرّب جماعي من التعليم الخاص. وإذا لم تُبادر الدولة إلى فرض رقابة صارمة، واتخاذ إجراءات حازمة، فإن مستقبل جيل كامل سيكون على المحك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى