
كشف تحقيق موسع لصحيفة الشرق الأوسط عن تفاصيل “المشهد الأخير” في مسيرة حسن نصر الله، الأمين العام السابق لـ”حزب الله”، الذي اغتيل في سبتمبر 2024، مسلطًا الضوء على التحولات التي سبقت مقتله والعلاقة المعقدة بين الحزب وطهران خلال الحرب الأخيرة في لبنان.
وبحسب التحقيق، فقد نصر الله فعاليته الميدانية بعد اغتيال ثلاثة من أبرز قادته: طالب عبد الله المعروف بـ”أبو طالب”، إبراهيم عقيل، ووسام الطويل، الذين وُصفوا بأنهم “العيون الثلاث” التي كان يعتمد عليها في إدارة العمليات. وأدى غيابهم إلى ارتباك في غرف العمليات وغياب الرؤية الواضحة في الميدان.
وأوردت الشهادات التي استند إليها التحقيق – من شخصيات لبنانية وعراقية وأمنية – أن الحزب واجه خلال عام 2024 واحدة من أصعب مراحله الميدانية والاستخبارية، إذ فقد نحو 2500 عنصر في غارات إسرائيلية استهدفت أكثر من 12 ألف هدف، أبرزها مقرات قيادية في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأشار التحقيق إلى أن نصر الله ظل يعتقد أن الحرب ستبقى ضمن “قواعد الاشتباك” المعروفة منذ عام 2006، وأن إيران ستتدخل لضبط الردع ووقف النار، غير أن تسارع الأحداث واغتيال القادة الميدانيين وضع الحزب أمام واقع جديد، وعمّق الشك داخل قيادته حول وجود اختراقات أمنية.
وأوضح التقرير أن تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية (“البيجر”) شكّل ضربة قاصمة لمنظومة الحزب، إذ عُزلت القيادات عن الميدان وفُقدت السيطرة في كثير من المواقع. ومع اتساع الفجوة بين القيادة الإيرانية ونصر الله، بدا أن “الحبل الذي ربط الضاحية بطهران” قد انقطع فعليًا.
وفي ختام التحقيق، رجّحت مصادر أن سوء تقدير الموقف من قبل الحزب وطهران، وعدم إدراك حجم التغيّر في طبيعة الحرب، ساهما في النهاية الدراماتيكية التي انتهت بمقتل نصر الله ونائبه الإيراني عباس نيلفوروشان في غارة إسرائيلية على الضاحية في سبتمبر 2024، لتُدفن معهم أسرار المرحلة الأخيرة.