
كتبت ملاك عقيل في اساس ميديا:
سقطت كلّ المحاذير في المعركة المفتوحة بين المعسكر الداعي إلى إلغاء مقاعد الاغتراب وتصويت المغتربين من الخارج لـ128 نائباً، ورأس حربته “القوّات اللبنانيّة”، ومعسكر تصويت المغتربين، من لبنان، لأعضاء البرلمان في الدوائر الانتخابيّة الـ15.
بتقدير مصادر سياسيّة بارزة لم تعُد المعركة محصورة فقط بمن “يَضع يده” على أصوات الاغتراب ليرفع “رصيده” النيابيّ في برلمان 2026، بل باتت المواجهة مباشرة مع رئيس مجلس النوّاب شخصيّاً، بما يُمثّله من ثقل سياسيّ مكمّل لحليفه “الحزب”، وعنوانها الأوّل: نزع مفتاح المجلس من يد الرئيس نبيه برّي.
بين 60 و62 و63 نائباً تفاوتت التقديرات لعدد من دخل قاعة الهيئة العامّة، لكنّ النتيجة كانت واحدة، وهي إعلان الرئيس نبيه برّي رفع الجلسة لعدم توافر النصاب، أي 65 نائباً.
للمرّة الثالثة على التوالي ينجح فريق الموالاة، المؤيّد لتصويت المغتربين من الخارج للنوّاب الـ128، في تطيير نصاب جلسة يرفض الرئيس برّي إدراج اقتراح القانون المعجّل المكرّر لإلغاء المادّة 112 من قانون الانتخاب (المقاعد الستّة المخصّصة لنوّاب الاغتراب)، على جدول أعمالها.
برّي مشارك في المقاطعة؟
مع ذلك، قدّم نائب رئيس مجلس النوّاب الياس بوصعب هذه المرّة مقاربة مغايرة تماماً لعدم توافر النصاب، بدا وكأنّ الرئيس برّي مشارك فيها، وذلك بعد مقاطعة نوّاب “القوّات” و”الكتائب” وعدد من نوّاب “التغيير” والمستقلّين للجلسة، وربطها بوصعب بجلسة الحكومة اليوم.
إذ قال بو صعب: “بالمعلومات، لو كان في نيّة لإجراء الجلسة “كانت صارت”، وعدم حصولها كان مفتاحاً للبدء بالحلّ. التشريع في ظلّ غياب شريحة كبيرة ليس الحلّ الأفضل”، لافتاً إلى أنّ “مسار الجلسة الحكوميّة غداً (اليوم) سيُحدَّد وفق ما حصل اليوم (أمس)، فهذه الجلسة الوزاريّة يجب أن تكون خطوة من قبل الحكومة لتخفيف التشنّج الموجود، بعدما بادر برّي ولم يقبل بعقد جلسة التشريع بغياب المقاطعين. في النهاية الحلّ في مجلس النوّاب، وهناك ضرورة لتعديل القانون والتشريع، ولأجل ذلك لا بدّ من الحوار”.
تؤكّد مصادر وزاريّة لـ “أساس” أن “لا تعارض بين المطروح اليوم على جلسة مجلس الوزراء، وبين اللجنة التي تمّ تشكيلها قبل أيّام
“القوّات” لسلام: الأكثريّة جابتك رئيس حكومة
أتت الرسالة الثانية للحكومة من نائب “القوّات” جورج عدوان “للرؤساء جوزف عون ونوّاف سلام ونبيه برّي بضرورة تطبيق القانون”.
أضاف عدوان: “رئيس الحكومة وَضع مشروع الوزير رجّي بنداً رقم 1 على جدول الأعمال. ابحثه، وقمْ بما يجب عليك. معروف النوّاب وين، والأكثريّة وين. هذه الأكثريّة هي يلّلي جابتك رئيس حكومة”. وفق المعلومات، شكّل كلام عدوان انزعاجاً لدى الرئيس سلام، فيما قالت مصادر مطّلعة إنّ “القوّات تخوض مواجهة مباشرة مع برّي وسلام معاً، وتعكس وجود تراكمات بين الطرفين”.
أمس حضر الرئيس سلام إلى مجلس النواب، وعقد لقاءً مع الرئيس بري تناول موضوع فقدان النصاب ومسار جلسة الحكومة اليوم. وقد علم “أساس” أنّ لا انسحاب للوزراء الشيعة من الجلسة، وقد يتمّ دمج اقتراحي وزيري الداخلية والخارجية، مع تفادي اللجوء إلى التصويت لإقراره وإحالته إلى مجلس النواب.
من ساحة النّجمة إلى السّراي
هكذا يُشكّل البندان 1 و2 من جدول أعمال جلسة اليوم في قصر بعبدا تكملة للكباش الانتخابيّ الذي شهده حَرَم مجلس النوّاب.
يتعلّق البند الأوّل بطلب وزارة الخارجيّة الموافقة على مشروع قانون معجّل مكرّر لتعديل أحكام قانون انتخاب أعضاء مجلس النوّاب رقم 44 تاريخ 17/6/2017، والبند الثاني بطلب وزارة الداخليّة الموافقة على مشروع قانون معجّل مكرّر يرمي إلى تعديل المادّة 84 من القانون المتعلّق بالبطاقة الممغنطة.

وفق مصادر وزاريّة، وعلى الرغم من عدم موافقة وزراء حركة “أمل” و”الحزب” على إلغاء المقاعد الستّة لتمثيل الاغتراب، كما ورد في طلب وزارة الخارجيّة، ستحصل إحالة مشروع الوزير يوسف رجّي إلى مجلس النوّاب من دون عائق قانونيّ بحكم التوازنات داخل الحكومة “الطابشة” لمصلحة فريق الأكثريّة.
مع ذلك، بدا أنّ هناك رهاناً من قبل برّي على عدم إحالة حكومة سلام مشروع رجّي، ومحاولة التوافق على صيغة تسوية يُعمل عليها في الغرف المغلقة وليس على المنابر.
بدا أنّ هناك رهاناً من قبل برّي على عدم إحالة حكومة سلام مشروع رجّي، ومحاولة التوافق على صيغة تسوية
لجنة “لتنظيم” انتخاب المغتربين
يعكس مشروعا القانون توجّهاً حكوميّاً عامّاً بضرورة تعديل القانون الحاليّ لجهة إلغاء المقاعد الستّة، لكنّ المفارقة اللافتة أنّه قبل إدراجهما على جدول أعمال مجلس الوزراء، صدر في 22 الشهر الجاري قرارٌ عن وزيرَي الخارجيّة والداخليّة يتعلّق بتشكيل لجنة مشتركة، من 12 عضواً من الوزارتين، لتطبيق دقائق أحكام الفصل الحادي عشر من القانون الحاليّ.
هي اللجنة نفسها التي شُكّلت، سنداً للمادّة 123 من قانون الانتخاب، إبّان حكومة نجيب ميقاتي، والتي كُلّفت، كما اللجنة الحاليّة، بمهمّة تطبيق دقائق أحكام الفصل الـ11، المتعلقّة باقتراع اللبنانيّين غير المقيمين على الأراضي اللبنانيّة، والتي قدّمت عام 2021 تقريراً مفصّلاً وشاملاً بدا بمنزلة مراسيم تطبيقيّة لمقاعد الاغتراب في القارّات الستّ، وتوزيعها المذهبيّ، وكلّ ما يرتبط بالاقتراع والترشيح.
تجاوزت حكومة نوّاف سلام هذا التقرير تحديداً بعدما كلّفت لجنة وزاريّة دراسة الاقتراحات والتعديلات على قانون الانتخاب، وأفضت هذه اللجنة، في تقرير لها في تمّوز الماضي، إلى اقتراح إعداد مشروع قانون يتضمّن إمّا إلغاء أو تعليق الموادّ المتعلّقة بتخصيص ستّة مقاعد للمغتربين أو استكمال النواقص، إضافة إلى إلغاء اعتماد البطاقة الممغنطة أو استبدالها بـQR code.
تؤكّد مصادر وزاريّة لـ “أساس” أن “لا تعارض بين المطروح اليوم على جلسة مجلس الوزراء، وبين اللجنة التي تمّ تشكيلها قبل أيّام. فتقرير اللجنة الوزاريّة الصادر في تمّوز الماضي أشار إلى نقطتين أساسيّتين:
وفق المعلومات، شكّل كلام عدوان انزعاجاً لدى الرئيس سلام
– المادّة 123 لا تولي السلطة التنفيذيّة صلاحيّة تعديل أو استكمال القانون، ولا توليها صلاحيّة بتّ تضارب النصوص القانونيّة فيما بينها، بل تعطي وزيرَي الداخليّة والخارجيّة صلاحيّة تعيين لجنة تطبّق فقط دقائق القانون، وهذا ما فعلناه بتشكيل اللجنة في 22 الجاري.
-اعتبرت اللجنة أنّ تنظيم الانتخابات على أساس ستّة مقاعد للاغتراب ومعالجة مسألة البطاقة الممغنطة يتطلّبان تعديلاً للقانون في مجلس النوّاب، وليس مراسيم صادرة عن مجلس الوزراء وحسب.
توزيع المهامّ
بالتالي، اللجنة المكلّفة حاليّاً، كما تقول المصادر، وزّعت المهامّ لجهة الإشراف ومواكبة حسن سير العمليّة الانتخابيّة في الخارج على كلّ المستويات، وتوفير كلّ مستلزمات هذه العمليّة، والتنسيق بين الأجهزة المعنيّة، بغضّ النظر عن حصول الانتخاب للنوّاب الستّة في الخارج أو للـ 128 نائباً، لأنّ هذا الأمر ليس مُهمّة مجلس النوّاب بل الحكومة. سترفع تقريرها إلى وزيرَي الداخليّة والخارجيّة في مهلة أقصاها شهرٌ من تاريخ صدور القانون.
