سلايداتمقالات

قوة الاستقرار الدولية.. والخوف من وضع العرب بوجه “حماس”

كتب علي دريج في المدن:

لم يأتِ اليوم التالي للحرب على غزة فقط، بل مرّ ما يقارب الشهر، دون أن تتضح معالم المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب (المؤلفة من 20 نقطة)، المتعلقة بإدارة القطاع وهويّة البلدان المزمع مشاركتها في قوة الاستقرار الدولية ومهامها الحقيقية.

من هنا، تسود حالة من التخبط والتردد لدى العديد من الدول في المشاركة، خصوصًا العربية منها والإسلامية، بسبب المخاوف من التصادم مع حركة “حماس” على خلفية بند تسليم السلاح الوارد في رؤية ترامب، عدا عن الفيتو الذي تضعه إسرائيل على بلدان معينة كتركيا بذريعة دعمها لحركة “حماس”.

خطة ترامب وقلق العرب

عمليًا، تتضمن خطة الرئيس ترامب الخاصة بغزة إدارة القطاع بشكل مؤقت من قبل لجنة تكنوقراط فلسطينية غير مسيّسة لتقديم الخدمات العامة، تضم فلسطينيين مؤهلين وخبراء دوليين، تحت إشراف ورقابة هيئة انتقالية دولية جديدة تُسمّى مجلس السلام” الذي يرأسه ترامب، مع أعضاء آخرين ورؤساء دول سيُعلن عنهم، من بينهم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير.

كما تنص الخطة على أن الولايات المتحدة، بالتعاون مع شركاء عرب ودوليين، ستنشئ قوة استقرار دولية مؤقتة تُنشر فورًا في غزة، لتقديم التدريب والدعم لقوات شرطة فلسطينية مُعتمدة في القطاع، وستكون على اتصال وثيق مع الأردن ومصر اللذين يتمتعان بخبرة واسعة في هذا المجال. وستكون هذه القوة بمثابة الحل الأمني الداخلي على المدى الطويل كما هو مقرر.

دور العرب في قوة الاستقرار الدولية

من المتوقع أن تُشكّل الدول العربية والبلدان ذات الغالبية المسلمة، العمود الفقري لقوة الاستقرار الدولية (ISF) لضمان الشرعية الإقليمية، مع احتفاظ إسرائيل بحق النقض بشأن من يمكنه الانضمام، وهو ما تَرجم بمعارضة مشاركة تركيا بالفعل.

وبناءً على ذلك، تجري الولايات المتحدة مناقشات مبكرة مع كل من: إندونيسيا، مصر، الأردن، باكستان، وأذربيجان، بينما قد تقدّم فرنسا وكندا وأستراليا تدريبًا ودعمًا لوجستيًا. أما بريطانيا، التي كانت الدولة المستعمرة للفلسطينيين، فمن غير المرجح أن تلعب دورًا نشطًا في القوة الجديدة.

وعلى عكس قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ذات القبعات الزرقاء، سيكون لدى قوة ISF سلطة استخدام جميع التدابير اللازمة” للحفاظ على النظام في غزة. ووفقًا لمشروع الاقتراح، سيكون دور ISF تأمين حدود غزة مع إسرائيل ومصر، وحماية المدنيين وممرات المساعدات، وتقديم الدعم لاستعادة الحوكمة الأساسية. كما ستقوم القوة باختيار وتدريب قوة شرطة فلسطينية جديدة لتتولى الأمن الداخلي بمجرد أن يستقر الوضع.

أي بعبارة أوضح، ستعمل ISF كقوة تنفيذ وإنفاذ، لا كقوة حفظ سلام تقليدية، مما يدفع المراقبين إلى التساؤل عما إذا كانت ستجلب الاستقرار أم ستعيد السيطرة الأجنبية على نمط حقبة الانتداب ولكن بواجهة جديدة.

إلى جانب ذلك، من المرجح أن تحافظ الولايات المتحدة على مركز تنسيق صغير خارج غزة مباشرة. فيما الهدف المعلن للمهمة هو فترة استقرار مؤقتة مدتها عامان تؤدي إلى الحكم الذاتي الفلسطيني.

ماذا عن تواجد قوة الاستقرار في غزة؟

حتى الآن، لا وجود في غزة لأي عنصر من الشرطة الفلسطينية او من قوة الاستقرار الدوليةISF . إذ ان عددًا من الدول التي يُنظر إليها كمشاركين محتملين، ولا سيما في العالمين العربي والإسلامي، أشارت إلى أنها لا تريد أن تكون جزءًا من عملية نزع سلاح حماس، أو التعامل مع ما تعتبره قوات إسرائيلية سريعة إطلاق النار ما زالت خلف الخط الأصفر” الذي يفصلها الآن عن بقية غزة.

وتبعًا لذلك، أوضحت الدول العربية المعنية بالأمر أنها لن تشارك ما لم يلعب الفلسطينيون دورًا قياديًا واضحًا، محذّرة مما وصفته بـ أشكال جديدة من الوصاية”. 

أكثر من ذلك، أصرّت معظم هذه الدول على تفويض من الأمم المتحدة، وهو أمر بدأت واشنطن بمعالجته من خلال مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي وُزّع الأسبوع الفائت.

ضع في اعتبارك، أن هذا المشروع يمنح خطة ترامب غطاءً رسميًا من الأمم المتحدة، إذ يتضمّن الإذن بنشر قوة الاستقرار الدولية (ISF). وبحسب المسؤولين الأميركيين، فإن هذه القوة لن تبدأ انتشارها قبل شهر كانون الثاني/يناير على الأقل.

مكتب التنسيق الأميركي في غزة

في أعقاب وقف إطلاق النار، وتحت ستار إنساني لاشراف على توزيتع المساعدات، سارعت الولايات المتحدة إلى إنشاء مركز التنسيق المدني العسكري(CMCC)  في جنوب إسرائيل بالقرب من حدود غزة ( بمشاركة اكثر من 40 دولة ومنظمة)، ووضع تحت إمرة القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM)، فيما يتولى الإشراف العسكري المباشر عليها، الفريق أول الأميركي باتريك فرانك، ويضم المركز حوالي 200 جندي أميركي.

يقع مقر مركز التنسيق، في مبنى مكوّن من ثلاثة طوابق في مدينة كريات غات، على بُعد نحو 64 كيلومترًا جنوب غرب القدس وقرابة 32 كيلومترًا شمال شرق غزة. وقد عيّنت إدارة ترامب ستيفن فاغن، السفير الأميركي السابق في اليمن، ليكون المدير المدني للمركز.

الجدير بالذكر ان الاميركيين يستخدمون معدات مراقبة عالية التقنية ويشغلون طابقًا واحدًا من المبنى، بينما يقطن أفراد عسكريون إسرائيليون، واستخباراتيون، ومدنيون في طابق آخر. أما ممثلو عشرات الدول فقد خصص لهم طابق منفصل. وتُعد فرنسا، ألمانيا، وبريطانيا من بين الدول التي لديها تمثيل رسمي في المركز.

في المُحصّلة، تسود حالة من التشاؤم لدى العواصم العربية وحتى الغربية، من فشل مهمة قوة الاستقرار الدولية، وهو ما عبّر عنه صراحة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بقوله: من الضروري أن يكون لدينا جدول زمني لانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة. لا يمكن لإسرائيل أن تبقى في 53% من غزة ثم تتوقع تحقيق الأمن.”

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى