
كتب موقع mtv:
منذ توليه الحكم عقب سقوط النظام السابق في دمشق عام 2024، يسعى الشرع إلى إعادة تموضع سوريا على الخريطة الدولية. فبعد أعوام من الانغلاق والعزلة، بدأ الشرع سياسة الانفتاح محاولاً إعادة بناء الثقة مع الغرب وفتح قنوات حوار جديدة مع واشنطن، وتأتي زيارته إلى العاصمة الأميركية تتويجاً لهذا المسار. ولكن لبنان، الجار الأقرب لدمشق، لا يمكن أن يبقى خارج الصورة، إذ إنّ أي تغيير في اتجاهات سوريا السياسية قد ينعكس مباشرة على عدد من ملفاته الداخلية البارزة.
صحيح أنّ بيروت لم تكن على جدول الزيارة رسمياً، إلا أن الملفات اللبنانية حضرت بطريقة أو بأخرى في كواليس اللقاء التاريخي، في وقتٍ يجد لبنان نفسه أمام هذا المشهد بين خيارين لا ثالث لهما: إما أن يتماشى مع التحولات الإقليمية وينفّذ الشروط الأميركية المطلوبة منه، أو يتم إبعاده إلى هامش القرار ويتحمّل نتائج التحولات الجديدة في محيطه.
يؤكّد محلّلون سياسيّون أنّ تطورات العلاقات السورية الأميركية قد تُمهّد لإعادة فتح ملف الحدود السورية‑اللبنانية، وملفّ عودة النازحين السوريين، وقضايا التهريب. والأكيد أنّ ملف النزوح، والعقوبات الاقتصادية، وإعادة الإعمار في سوريا يمكن أن تؤثر مباشرة على لبنان، إمّا بإيجابيّة عبر خلق فرص استثمار وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن لبنان، أو سلباً، إذا لم يتلقف لبنان الفرصة ما سيعرضه لمزيد من الضغوط لحسم ملف سلاح “حزب الله” وصولا الى إمكانية فرض توازنات جديدة في لبنان تتماشى مع المشهد السوري الجديد. أما الخوف الأكبر اليوم، فهو من أن تُصبح بيروت ورقة تفاوض بين دمشق وواشنطن وإيران وإسرائيل، مما يقوّض السيادة في لبنان ويضعف صوت الدّولة وتأثيرها.
سوريا تغيّرت وتطوّرت وتحوّلت وركبت قطار الغرب من بوابة واشنطن المشرّعة، أما لبنان فيقف عند المفترق نفسه، بين الانتظار والمبادرة. فهل يكون هذه المرة جزءاً من المشهد الجديد أم يكتفي بموقع المتفرّج والمتلقي؟




