لا يزال رئيس حركة «الإستقلال» النائب ميشال معوّض مصرّاً على ترشيحه تحت عناوين وطنية ومطلبية مدعوماً من «الفريق السيادي» ومن بعض النواب المستقلين والتغييريين. في المقابل، يعاني فريق 8 آذار من أزمة الإتفاق على مرشح واحد. وإذا كان رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية قال في إحدى إطلالاته الإعلامية إنّه لن يسمح للخلاف المستشري بينه وبين رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل بأن يؤدّي إلى حرمان فريقه السياسي من إيصال رئيس إلى بعبدا، إلا أن لباسيل وجهة نظر أخرى.
ويغلب طابع المصلحة أو حفظ الحقوق داخل نظام الحصص، عند باسيل، فالرجل «يبيع ويشتري» كما يحلو له، ويحاول أن يستفيد من تحالفه مع «حزب الله» قدر الإمكان لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، بينما فرنجية يغلّب مصلحة «محور الممانعة» على مصالحه الشخصية ويتفاخر بعلاقته الطيبة مع «حزب الله» والرئيس السوري بشّار الأسد.
وإذا كان «التيار الوطني الحرّ» يتفاخر بأنه فرض مسألة الميثاقية والتمثيل المسيحي على الإستحقاقات الدستورية وعلى رأسها إستحقاق رئاسة الجمهورية، فإنّ المرشّح معوّض تخطّى كلّاً من فرنجية وباسيل مجتمعيْن، بنيله أكبر عدد من أصوات النواب المسيحيين في البرلمان.
وفي شرح للأرقام بحسب “نداء الوطن”، فان إعلان حزب «تقدّم» الذي يضم نائبين هما مارك ضو عن المقعد الدرزي في عاليه ونجاة صليبا عن المقعد الماروني في الشوف تصويتهما لمعوض، ساهم في تمييل الدفّة المسيحية لمصلحة معوّض، خصوصاً وأنّ كل الأفرقاء أقرّوا بنتائج الإنتخابات النيابية.
وفي التفاصيل يتبيّن أنّه لدى معوض، الأصوات النيابية المسيحية الآتية: «تكتّل الجمهورية القوية» المؤلف من 19 نائباً، كتلة الكتائب المؤلفة من 4 نواب، حركة «الإستقلال» المؤلفة من نائبين اثنين، وأصوات النواب المسيحيين: نعمة إفرام، جميل عبود، جان طالوزيان، راجي السعد، نجاة صليبا، غسان سكاف، ميشال ضاهر، إضافة إلى النائب سجيع عطيه الذي أعلن إنّ هناك نواباً من كتلة «الإعتدال الوطني» صوّتوا لمعوض، في حين يكثر الكلام عن قرب اقتناع النائب «التغييري» الياس جرادة بالتصويت لمعوض.
والجدير ذكره، أنّ المجلس النيابي ينقسم بين 64 نائباً للمسيحيين و64 نائباً للمسلمين، وبالتالي فان معوّض قد اجتاز عتبة نصف النواب المسيحيين بحصوله على 33 صوتاً نيابياً مسيحياً، وحتى لو اجتمع باسيل وفرنجية على اسم فلن ينال هذا العدد من الأصوات النيابية المسيحية لأنّ هناك نواباً مسيحيين معارضين لم يصوّتوا لمعوض وطبعاً لن يصوتوا لباسيل أو فرنجية أو أي مرشح من قبلهما، أمثال النواب: بولا يعقوبيان، ملحم خلف، ميشال الدويهي.
وتكشف هذه الأرقام جانباً من الأزمة التي يعيشها الفريق المسيحي الحليف لـ»حزب الله»، ففرنجية من دون تأييد باسيل لن يصل إلى بعبدا، وإذا وصل سيكون رئيساً بلا غطاء مسيحي وربما تتكرّر تجربة الرئيس إميل لحود الذي اعتبرته الأغلبية المسيحية أنه خصم لها.
وإذا كانت كتلة باسيل كافية لتأمين الغطاء المسيحي لأي مرشّح، فان الرجل يعاني من أزمة وطنية، فصحيح أنّ فرنجية لا يملك تمثيلاً مسيحياً واسعاً إلّا أنه لديه علاقات مع بقية الطوائف، بينما تقتصر علاقات باسيل على «حزب الله» بعدما فشل في مدّ الجسور مع بقية المكونات المسيحية والوطنية.
تفوّق معوض على باسيل وفرنجية بحجم التأييد المسيحي وتفوّق أيضاً بجرأته على الترشّح على رغم انخفاض حظوظه، وبات واضحاً أنّ الرأي العام المسيحي ممتعض من خلافات باسيل وفرنجية، بينما يبدي كلّ الإحترام للطريق التي يتبعها معوّض وإحترامه الأصول الديموقراطية، وينقل عن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي التقى معوّض منذ أيام، مباركته لخطوته بالترشح للرئاسة ودعمه له والثناء على نيله أكبر دعم مسيحي وسعيه لتأمين إلتفاف وطني حول ترشحه، في حين أن الراعي يعتبر أنّ الخطوات التي يقوم بها الفريق المسيحي الآخر ستؤدي إلى مزيد من الفراغ والتعطيل وشل المؤسسات وضرب الدولة والرئاسة.