كتب د. فاديا كيروز في اللواء:
في خضم حروب العناد والنكايات، وما يتخللها من تراشق بالإتهامات، ثمة كارثة جديدة تكاد تقع على الأجيال الصاعدة اسمها ضياع العام الدراسي.
إضرابات المعلمين في المدارس الرسمية، على إختلاف درجاتهم، والشلل المهيمن على كليات الجامعة اللبنانية، في الحرم المركزي وفي مختلف فروعها في المناطق، يتفاعل منذ بدايات العام المدرسي، في التظاهرات وفي المؤتمرات الصحفية، وصولاً إلى تعدد اللقاءات مع رئيس الحكومة ووزير التربية، ونواب لجنة التربية النيابية، دون أن يتم التوصل إلى الصيغ المناسبة، لعودة المعلمين إلى صفوفهم، وإعادة الحياة إلى كليات الجامعة الوطنية.
ثمة أكثر من ربع مليون طالب في الجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية، يعانون من الإهمال المعيب من قبل الحكومات المتعاقبة، وتجاهل أهل الحكم للزيادات المشروعة التي يُطالبون بها، بعدما أصبحت رواتبهم لا تكفي لتأمين كلفة تنقلاتهم، ولا تسد رمق عيالهم، وهم الذين كانوا نواة الطبقة الوسطى، التي طالما شكلت صمام الأمان في بلد يُعاني من حالة عدم إستقرار سياسي منذ سبعينيات القرن الماضي.
حاول وزير التربية تأمين التمويل اللازم لزيادة الرواتب، ورفع قيمة ساعات المتعاقدين، من خلال جولاته في بعض الدول الخليجية، وعبر مفاوضات مع المؤسسات الدولية المعنية، ولكن نتائج جهوده الشخصية، لم تحقق الآمال المتوخاة بما يكفي حل هذه المعضلة، التي تزداد خطورة على مستقبل الأجيال الجديدة.
المفارقة المحزنة فعلاً أن الحكومة المتداعية الأطراف تسكت عن إنفاق عشرات الملايين، بل المئات في الآونة الأخيرة، لتغطية فارق سعر الدولار بين «صيرفة» والسوق السوداء بلا طائل، لأن الدولار عاد للإرتفاع بوتيرة أسرع نحو مستوى الخمسين ألفاً، مما يؤكد ذهاب ملايين المركزي هدراً إلى جيوب المضاربين والمتلاعبين بسعر الدولار، وإلى كبار التجار والمتمولين، وحلفائهم من الأحزاب والسياسيين، الذين يحصلون على ملايين الدولارات يومياً على سعر «صيرفة»، محققين أرباحاً فورية لا تقل عن ١٥ بالمئة، على حساب ما تبقى من أموال المودعين !
ad
أما أساتذة الجامعة الوطنية، ومعلمو المدرسة الرسمية، الذين يتحملون مسؤولية تعليم وتثقيف رجال الغد فلهم الفُتات الذي يبقى على مائدة حيتان المال وعقارب الفساد!