سلايداتمقالات

في اليوم العالمي للمرأة

كتبت: كفا عبد الصمد

تجلس على حجر ملتوي، على يمينها موقدة نار وبين يديها تراقص لفات العجين محاولة صنع الخبز لاطفال اصطفوا من حولها، باحثين عن رغيف ساخن الذ ما يعرفه لسانهم من اصناف الاكل المتوفرة لديهم… ومن البعيد تلمح صورة رجل كبير في السن، اقلها يكبر الصغيرة التي تصنع الخبز بعقدين او ثلاثة.. يصح ان يكون والدها لكنه في الواقع زوجها.. هذا العنتير الذي يناديها يا حرمة، ولا يعرف في الحياة سوى اشباع رغباته الجسدية على حساب صحة وحقوق حرمته، يدخل كل ليلة الى حياة تلك الصغيرة يأخذ من صحتها النفسية والجسدية والمعنوية ويتركها تعوم في بحر من المسؤوليات لا تنتهي… هذه الحرمة التي حللت لك لسبب او لآخر، لم تملكها ولن تملكها، انها سيدة نفسها، لها الحق في الحياة والحب والعمل وتقرير المصير. ليست مكنة لتفقيس الاطفال، ولا ملاذا لشهوة الليل، هي ليست حرمة انها امرأة ولها حقوقك واكثر..

هذه الصورة باتت مألوفة لدينا بعد تنوع الزوار والجنسيات التي افترشت ارضنا، وكثرة مخيمات النازحين. صورة الطفلة التي ترتدي ثوب النضج في غير اوانه، وقبل ان تبلغ العشرين تجد نفسها امام مسؤولية زوج واولاد وفقر وعوز وحرمان، في القرن الواحد والعشرين عار يهدد الانسانية جمعاء. فتيات تنتهك حقوقهن وتباع احلامهن على يد رجل تحكمه غريزته المريضة وآخر تحكمه عقلية متخلفة تجبره على زواج بناته كي لا يجلبن له العار..

على صعيد آخر ورغم بشاعة الصورة، حين تمعن التفكير في المنظر الذي يلازمك لفترة طويلة قبل ان تنس ملامحه، تجد في جلسة الفتاة المرأة وحولها اولادها، تغني لهم حينا وتجعل من النار المشتعل امامهم وسيلتهم للتسلية احيانا كثيرة، تروي لهم اخبارا وقصصا من نسج احلامها، تداعب صغيرها وتحنو على طفلتها، تعارك العجين بين يديها لتنتج خبزا لصغارها، لا تفقه فن العجين ولا تعرف كيف تحول الطحين خبزا، هي فقط تحاول ان تفعل شيئا اكراما لاصوات البطون الفارغة التي تقلقها، تحركها امومتها وتجدها في لحظة عابرة، ناضجة وقوية واما بكل ما للكلمة من معنى. تلاعب صغيرا على حجرها هي التي يليق بها اللعب على حجر والدها. تحبو على اطفالها، تعاملهم بغريزة الامومة، تحاول حمايتهم من تسلط الحياة وذكورية المجتمع… مهلا استفيض في الكلام وكأنها تعلم اصلا ما لها من حقوق وما عليها من واجبات؟ هي خلقت لتخضع لسيطرة رجل اي رجل، اب كان ام زوج او حتى ابن، تتنفس الحياة من بين ضلوعه وتعيش ما يريدها ان تعيشه، لا تعرف خلف حدود الخيمة التي تأويها ماذا يوجد وكيف تكون الحياة. تعيش شبه حياة في الوقت الذي يجب ان تعيش فيه حياة كاملة..

في اليوم العالمي للمرأة، نحتاج الى مزيد ومزيد من الوعي كي نعرف كيف ننتج مجتمعا متكافأ وناجحا.. نحتاج الى العمل لتفادي زواج القاصرات وانتهاك حقوق الزوجات، لا يمكن ان نرتقي في مجتمع نساءه مغبونات، لا يجوز تكرار مثل هذه الصور. لسنا ناقصات عقل ولا دين، ولم نولد من ضلع الرجل، نحن الام والاخت والصديقة والرفيقة والزوجة، نحن السند في لحظة السقوط والامل في لحظة اليأس والحياة في لحظة الموت. ببساطة نحن النساء…

الف تحية لهذه الصغيرة التي تحاول ان تكون اما، وباقة ورد لكل من تشارك مع المرأة الحياة، مشى معها والى جانبها، من اجل مجتمع افضل.. صحة الاوطان من صحة نساءها، لا تبخلوا عليهن بالعطاء كي ينجحن في بناء مجتمع يليق بكم..

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى