
كتب مصطفى شهاب:بُعَيْد النشوة الكبرى التي استشعرناها كفلسطينيين وعرب ومعنا كل شرفاء العالم من مناصري قضيتنا بعد العمل الخارق الذي أنجزته كتائب القسام ومن رافقها من مقاتلي الجهاد الإسلامي وغيرهم من أبناء شعبنا في القطاع الصامد يوم السابع من أكتوبر المجيد، وما تلى ذلك من حرب إبادة جماعية وإفناءٍ عرقي قامت ولا تزال تقوم بها قوات الاحتلال الصهيوني، تساءلت أو لنقل تمنيت لو أن مقاومتنا الباسلة في غزة الأبية تمكنت من الحصول على مضادات متطورة لمواجهة أو تحييد الطيران الحربي الإسرائيلي الذي يتحمل طياروه المسؤولية عن دماء أكثر من 90% من دماء شهدائنا الذين ارتقوا في هذه الحرب. وأنا وإن كنت ألتمس العذر لحركات المقاومة الفلسطينية في القطاع المحاصر التي أبدعت كوادرها في إنتاج العديد من الأسلحة النوعية والأعتدة التي فاجأت العدو أيما مفاجأة؛ إلا أنني أطرح هذا السؤال عاليا أمام هول ما شهدناه يوم أمس من إجرام إسرائيلي يتجدد على إخوتنا وأهلنا في لبنان غير المحاصر.
السؤال هنا ليس موجها إلى حزب الله وحده، بل ومن ورائه إلى إيران، وقبلهما الحكومة والجيش اللبناني الذي يقف مكتوف الأيدي في مواجهة هذا العدوان، الذي وإن استهدف قوات حزب الله وحاضنته الشعبية في الجنوب والهرمل والضاحية الجنوبية من بيروت، إلا أن هذا المكون المجتمعي هو جزء من النسيج اللبناني، وأن هذه الأرض والقرى والبلدات والأحياء التي تدك هي مناطق لبنانية صرفة يتواجد فيها مدنيون من مختلف الطوائف اللبنانية. كما أن للبنان تاريخاً طويلاً من مواجهة مثل هذه الاعتداءات الإسرائيلية التي تستوجب طرح هذا السؤال بإلحاح.
تبني الدول جيوشها للدفاع عن أوطانها، وحماية شعوبها فهل لبنان حالة استثنائية؟؟
قد يرد أحدهم أنه لولا القضية الفلسطينية لما كانت هناك مشكلة للبنان مع إسرائيل. لمثل هذا الجاهل أقول: وهل كانت فلسطين وقضيتها غائبة عن لبنان وسوريا ومصر والأردن والعراق وكل محيطها العربي يوما؟ هل كانت هناك قضية فلسطينية بالأساس لو كانت فلسطين في منطقة جغرافية أخرى من العالم بعيدة عن خاصرة العالم العربي؟ هل وجدت إسرائيل فقط لإحلال يهود العالم مكان الفلسطينيين وكفى؟ هل تعتقدون أن استسلام الفلسطينيين التام والمطلق للهيمنة الصهيونية على أرضهم سيريح المنطقة العربية من الاعتداءات الإسرائيلية؟ اليست إسرائيل مشروعاً إمبرياليا وظيفيا له مهمته المناطة به في المنطقة. هذه العصا الإمبريالية الغليظة استكنتم كعرب من المحيط إلى الخليج لها تحت دعاوى زائفة من مشاريع واتفاقات السلام ، وهو في حقيقته استسلام وانصياع لإملاءات سيئ البيت البيض.
وفي واقع الأمر، سيبقى هذا الصراع كأسوأ ما عرفتموه من آلام الأضراس حتى خلع هذا الضرس السرطاني من المنطقة العربية. ووالله، إن كل ما أبرمتموه من اتفاق مع أحفاد شايلوك لن يجديكم نفعا على المدى الطويل. الحرب فرضت علينا مع إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل حتى زوالها؛ فأحسنوا العدة لها، لأن هذا الكيان البغيض لن يترككم ترتاحون حتى لو تركتموه.
24/9/2024م