سلايداتعاجلمقالات

لبنان والرقص على حافة الهاوية: انتخابات رئاسية على إيقاع التعطيل

كتب سعيد الحسنية

ساعات قليلة تفصلنا عن طي صفحة 2024 وما حملته من حروب ومآسي، لنفتح صفحة 2025 المفعمة بالآمال على وقع التغيير الذي أنهى نصف قرن من ظلام حالك كبل بأصفاده ياسمين الشام، فتكسرت الأغلال وبدأت تتفتح براعم زهور ربيع دمشق، لتنبعث منها نسائم ربيع بيروت، معلنة انبلاج فجر يوم جديد لعام جديد على لبنان، تلك الأرض التي شهدت صفحات من الأزمات والصراعات. فها هو بلد الأرز يقف اليوم عند مفترق طرق جديد يحمل في طياته مزيجًا من الفرص والتحديات. بين استحقاقات سياسية معلقة وأصوات الحرب التي تلوح في الأفق، تتأرجح البلاد بين مستقبل واعد وأزمات قد تُعيدها إلى نقطة الصفر. وتبقى انتخابات رئاسة الجمهورية واحتمالات مواجهة عسكرية جديدة بين حزب الله وإسرائيل، متصدرة عناوين المرحلة المقبلة

استحقاقات سياسية ومعارك مُحتملة

مع اقتراب موعد الجلسة المنتظرة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية في التاسع من يناير، تتصاعد التساؤلات حول قدرة القوى السياسية على تجاوز العقبات والوصول إلى توافق. المشهد الحالي يعكس حالة من الجمود والتشظي، إذ تشير المعطيات إلى تعقيدات متعددة تحول دون تحقيق اختراق في هذا الملف الشائك.

بداية، تتسابق بعض الأطراف السياسية إلى تعميق الانقسامات داخل الكتل النيابية، ما يؤدي إلى تفتيت الأصوات وغياب الإجماع المطلوب لدعم مرشح محدد. هذه الاستراتيجية تجعل الجلسة عرضة للفشل، إذ تتضاءل فرص تشكيل تحالف قوي قادر على تحقيق النصاب الانتخابي. إلى جانب ذلك، يبرز ترشيح قائد الجيش، جوزيف عون، كخيار توافقي، لكنه يصطدم بحائط دستوري. فقد أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن تعديل الدستور يُعد شرطًا أساسيًا لترشيح قائد الجيش، وهو مطلب يصعب تحقيقه في ظل الحاجة إلى تأمين أغلبية 86 صوتًا، وهي مهمة تبدو شبه مستحيلة في الوقت الراهن.

من جهة أخرى، تُفضل بعض القوى السياسية انتظار تسلُّم ترامب زمام الإدارة الأميركية بعد 20 يناير، على أمل أن تحمل معها تغيرات في المشهد الدولي تضغط على الأطراف المحلية لإعادة ترتيب الأوراق. هذه الرهانات على الوقت والمناخ الدولي تعكس استراتيجية المماطلة التي قد تكون مقصودة من قبل بعض القوى، خصوصًا القوى المسيحية الأساسية، التيار والقوات، الذين يفضلون التريث لجلاء الصورة في المنطقة والتحالفات والتفاهمات فيها. وعلى نفس الإيقاع يعزف الثنائي الشيعي، الذي تشير تقارير المصادر المطلعة إلى أنه يعمل على دفع المشهد نحو طاولة مفاوضات لاختيار مرشح تسوية. هذا السيناريو يهدف إلى تجاوز آليات التصويت الديمقراطي التقليدية وفرض توافق سياسي قد يكون الحل الوحيد لتفادي الفراغ الرئاسي.

بين الصراع والتسويات: لبنان إلى أين؟

في خضم تحديات انتخابات رئيس الجمهورية والاعتداءات الإسرائيلية ورهانات القوى السياسية اللبنانية على التفاهمات الدولية المتداخلة، يتراقص لبنان على حافة الهاوية، يقف على حبل مشدود بين السقوط في الهاوية والنجاة نحو بر الأمان. هل تنجح القوى السياسية في اغتنام الفرصة وُنقذ البلاد من شبح الانهيار عبر توافقات سياسية تفتح أبواب التسويات؟ أم أن التناقضات الداخلية والضغوط الإقليمية ستغرقها في دوامة جديدة من الحروب والصراعات؟ الإجابة قد تكون رهينة للأشهر، حيث يُختبر خلالها صمود لبنان وقدرته على تجاوز أمواج المصالح المتضاربة ورياح التغيير العاتية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى