
كتبت يولا هاشم في المركزية :
كان لافتًا أمس، وخلافًا للبروتوكول، عدم خروج الرئيس دونالد ترامب لاستقبال نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال وصوله للبيت الأبيض.
وأظهرت لقطات نشرها صحافيون أميركيون سيارة شيفروليه سوداء اللون تحمل العلمين الأمريكي والفرنسي تتجه نحو مدخل البيت الأبيض وعلى متنها الرئيس ماكرون.
وأطلقت السيارة أبواقها عدة مرات، لكن ترامب لم يخرج لاستقبال ماكرون، فيما نزل الرئيس الفرنسي من السيارة ولوح بيده للصحفيين المتجمعين ودخل إلى القاعة بمفرده.
كل هذا لم يمنع ترامب وماكرون من تبادل المزاح والضحك والمصافحة خلال لقائهما، حتى ان الرئيس الفرنسي أشاد بصداقته بالرئيس الاميركي منذ ولايته الأولى. فما دلالات هذا التصرّف؟
مدير مركز المشرق للدراسات الاستراتيجية الدكتور سامي نادر يؤكد لـ”المركزية” ان “ترامب لم يستقبل ماكرون بحفاوة كما يستقبل مَن هو على تناغم تام معه، ومراد ذلك يعود الى تضارب السياسات بينهما في أكثر من ملف مهم، لذلك قد يكون هذا الامر إشارة بروتوكولية لتبيان هذا التضارب في المواقف والضغط الأميركي الذي من الممكن ان يحصل”.
ويشير نادر إلى أن “الملفات العالقة بينهما كبيرة وأولها موقف ماكرون من حرب اوكرانيا وأمس قال بأن أحدًا لم يتمكن من إنهاء الحرب في أوكرانيا ولا حتى فرنسا أو ألمانيا أو أي من الحلفاء، وبالتالي هذه من الملفات الخلافية بين إدارة ترامب وماكرون وأكثر من طرف اوروبي، وليس جميعهم. ثانيا ملف غزة وطرح إدارة ترامب لحل مشكلة غزة وتطويرها عقاريا وإخراج الغزاويين منها وجاء الرد تقريبًا عنيف من قبل الرئيس الفرنسي الذي وقف وعارض بشدة هذا الطرح. تأتي ثالثًا مسألة الدفاع الاوروبي، وهنا قد يصل الرجلان الى تفاهم، بما أنه أصبح هناك وعي لدى كافة الاووبيين ان ما يقوله الرئيس ترامب صحيح، وأن لا يمكن للاوروبيين أن يستمروا في الاتكال على الحماية الاميركية، وبأن عليهم أن يستثمروا او يخصصوا جزءًا يصل إلى 4 في المئة من الناتج القومي لمسائل الدفاع. يضاف اليها رابعًا ملف إمكانية فرض رسوم جمركية على البضائع الاوروبية والفرنسية، وهنا يقول الاوروبيون بأن في حال لم يتمّ إلغاء هذه الرسوم فإنهم سيردون بالمثل”.
ويضيف: “ملفات كثيرة أتى فيها ترامب بمقاربة جدا مختلفة عن مقاربة الرئيس السابق جو بايدن او تلك التي كانت سائدة، وبالتالي هذه كلها أمور تشكل نقاطا خلافية للبحث على طاولة الرئيسين”.
أما عن لبنان، فيؤكد نادر ان “هذا الملف لن يغيب بالطبع عن طاولة البحث وستتوحد المقاربة بالنسبة للاتفاق الذي حصل ومصير القرارات الدولية والموقف من ايران”، مشيراً إلى أن “ترامب سيعطي ماكرون دورًا في لبنان.دور يتماشى مع السياسة الاميركية، إذ لا يمكن السماح بأن يتكرر ما حصل مع إدارة بايدن، أن يُعطى دور فيذهب الى مكان آخر ويفتح خطًا مع ايران ويُنتِج مبادرات، ونتذكر المبادرة الرئاسية التي طرحها الفرنسيون وما حصل بعدها وكيف ان “حزب الله” لم يستقبله بعد قضية المرفأ وما تلاها من عقوبات أميركية على الوزيرين السابقين يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل. ستلعب فرنسا دورًا ايجابيًا كما حصل وأعطيت دورًا في لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، وهي الوحيدة مع الولايات المتحدة، لكن ضمن الضوابط الاميركية ان جاز التعبير”.