سلايدات

الرجل الذي صورته “سي أن أن” في سجن بدمشق كان ضابط مخابرات في نظام الأسد… هل كلاريسا وارد ضحية تضليل؟

هل تتذكرون الرجل الذي صوّرته شبكة “سي أن أن” الاميركية، خلال اطلاقه من سجن بدمشق، وتفردت مراسلة الشبكة كلاريسا وارد بتقرير خاص عنه؟ تبيّن أنه كان ضابط مخابرات في نظام الرئيس السوي السابق بشار الاسد، وليس مدنيا سوريا معتقلا في سجن سوري، وفقاً لما توصل اليه فريق منصة “تأكد” السورية لتقصي الاخبار، وايضا الشبكة الاميركية.

 

في 11 كانون الاول 2024، وخلال دخولها سجنا سريا في مبنى تابع للجيش الجوي السوري في دمشق بحثاً عن الصحافي الأميركي أوستن تايس، توصلت المراسلة الدولية لشبكة “سي أن أن” كلاريسا وارد إلى “اكتشاف مذهل عندما كشف أحد مقاتلي المتمردين سجينا مختبئا لا يزال يجهل خبر إطاحة الأسد، اذ فر خاطفوه خلال سقوط دمشق، تاركين اياه بلا طعام أو ماء لـ4 أيام على الأقل”، على ما كتبت “سي أن أن” في بادئ الامر.

وكانت وارد وفريقها برفقة حارس من مسلحي الفصائل السورية لدى العثور على زنزانة في السجن مغلقة من الخارج. فأطلق الحارس النار على القفل بمسدسه لفتحه، وعُثِر على الرجل وحيدا داخل الزنزانة، تحت بطانية.

 

وكانت الصدمة والخوف ظاهرين على وجهه. “أنا مدني، انا مدني”، على ما قال لدى رؤيته وارد ومرافقيها. وعندما خرج إلى الهواء الطلق، بدا في حالة ارتباك. وسأله المقاتل من الفصائل السورية الذي أطلقه عن اسمه، فعرّف الرجل نفسه بأنه عادل غربال من مدينة حمص بوسط سوريا. وروى انه كان محتجزا في زنزانة لمدة ثلاثة أشهر، أن ضباطا من أجهزة المخابرات أخذوه من منزله وبدأوا استجوابه بشأن هاتفه، مشيرا الى أنه السجن الثالث الذي احتُجِز فيه.

كذلك قال الرجل إنه لم يكن يعلم بسقوط نظام بشار الأسد. وكان محتجزا في سجن يديره جهاز المخابرات الجوية السورية حتى انهيار نظام الأسد.

 

بعد التصوير، سلّم حراس من الفصائل السورية المسلحة الرجل إلى الهلال الأحمر السوري، الذي نشر في وقت لاحق صورا له في وسائل التواصل الاجتماعي، قائلا إنه أعاد سجينا محررا إلى أقاربه في دمشق.

تأكد: الاسم الحقيقي للرجل هو سلامة محمد سلامة

ولكن السبق الصحافي لوارد أصبح بعد نشره وحصده شهرة كبيرة، موضع انتقادات وتشكيك في صحته. وذهب ناشطون وصحافيون، لا سيما سوريون، الى الكلام على مشهد مدبر. لماذا لم تفتح زنزانة الرجل لدى تحرير السجناء من هذا السجن؟ ولماذا لم يتفاعل الرجل لدى فتح باب الزنزانة؟ ولماذا بدت لحيته وملابسه واظافره نظيفة بخلاف ما قد يبدو عليه  سجين معتقل في زنزانة لمدة 3 اشهر؟ ولماذا كان تجاوب عينيه مع الضوء، لدى خروجه من الزنزانة، طبيعيا بخلاف رد فعل شخص لم ير النور منذ 3 اشهر؟

 

الى جانب هذه التساؤلات، اثيرت ايضا شكوك حول الهوية الحقيقية للرجل. وقد بحث فريق منصة “تأكد” السورية  في السجلات الرسمية المتوفرة عن اسم عادل غربال للتحقق من سبب ومدّة اعتقاله، من دون العثور على نتائج، على ما أورد في تقرير.

وبسؤال فريق المنصة عن الرجل في حمص، توصل الى أنّ “اسمه الحقيقي هو سلامة محمد سلامة، وكانت المفاجأة أنّه صف ضابط برتبة مساعد أول في فرع المخابرات الجوية – أحد أسوأ الأفرع الأمنية التابعة لنظام بشار الأسد المخلوع في سوريا- ، ويوجد غالبًا في حيّ البياضة، أحد أكبر أحياء مدينة حِمص وتحديدًا في شارع الزبير عند المدخل الغربي للحي على رأس حاجز أمنيّ سيء السُمعة، وفقا لأهالي الحي”.

وافادت المنصة بأن “سلامة، المعروف أيضًا بأبو حمزة، وهو اسمه الأكثر شهرة، كان مسؤولًا عن حواجز أمنية عدة في حِمص، ولهُ باعٌ طويل في السرقة وفرض الأتاوات والتحكم في أرزاق الأهالي، وتجنيد المخبرين قسرًا لجمع المعلومات لصالحه، إذ اتّضح أنّه سُجن منذ فترة قليلة لا تتجاوز الشهر بسبب خلافه على نسبة توزيع الأرباح من الأموال التي يجمعها عنوةّ من المدنيين، مع رجل آخر أعلى منه رتبةً في الجيش، الأمر الذي أودى به إلى احدى الزنزانات في دمشق، بحسب تصريح أهالي الحي”.

 

وذكرت المنصة أن “سلامة شارك في عمليات عسكرية على جبهات عدة في المدينة عام 2014، وقَتَلَ من المدنيين، كذلك فهو مسؤول عن تعذيب أو اعتقال الكثير من شباب المدينة، من دون تهم، وبتهمٍ باطلة في حال رفضوا دفع الأموال أو العمل لصالحه، أو لمجرد أنّه لم يرتح لوجوه البعض، وفقا لشهادات أهالي قتلى وناجين من المُعتقل تم التواصل معهم”.

“سي أن أن” تسأل بدورها عن الرجل 

بعد تحقيق منصة “تأكد”، تقصت بدورها “سي أن أن” أمر الرجل والشكوك التي اثيرت حوله. وتبين لها، على غرار ما توصلت اليه “تأكد”، ان اسمه الحقيقي هو سلامة محمد سلامة، ملازم في مديرية المخابرات الجوية التابعة لنظام الأسد.

وأوردت في تقرير أن “أحد سكان حي البياضة في حمص أمن لها صورة قيل إنها للرجل خلال تأديته خدمته العسكرية، في ما يبدو أنه في مكتب حكومي. وقد أظهر برنامج التعرف على الوجه تطابقا بنسبة تزيد عن 99% مع الرجل الذي التقته الشبكة في زنزانة سجن دمشق. وتُظهِر الصورة الرجل جالسا وراء مكتب، ويبدو فيها أنه يرتدي الزي العسكري”.

وبمواصلة الشبكة البحث عن معلومات عن الرجل، “قال العديد من سكان حمص إنه سلامة الملقب أيضا أبو حمزة. وذكروا أنه كان يدير نقاط تفتيش إدارة المخابرات الجوية في المدينة، واتهموه بسوء السمعة في الابتزاز والمضايقة”.

كذلك اشارت المنصة الى أن “سلامة يعمل منذ وصوله إلى حمص، بعد سقوط نظام الأسد- وفقا لشهادات أهالي الحي- على استجداء عطفهم واقناعهم بأنّه كان مُجبرًا على كل ما قام به من قتل وترويع وبلطجة.  وقد عطّل أبو حمزة حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وغيّر رقم هاتفه المحمول، في محاولةِ منه لإخفاء أيّ وثائق تدل على حمله السلاح والتورط بجرائم حرب”.

 

وتمكنت “تأكد” من الحصول على “صورة تُظهر سلامة داخل مكتبه مرتديًا زيه العسكري الكامل، بما يعزز الأدلة حول نشاطه السابق”.

واشارت “سي أن أن” الى انه “من غير الواضح بعد كيف انتهى الأمر بسلامة في سجن بدمشق ولماذا. ولم تتمكن الشبكة من إعادة الاتصال به مجددا”.

 

ويبقى السؤال: هل كانت كلاريسا وارد ضحية تضليل… أم ماذا؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى