
كتبت جوانا فرحات في المركزية:
خطوة متقدمة سجلتها اللجنة القانونية – القضائية المشتركة بين لبنان وسوريا التي وصلت إلى بيروت يوم الأربعاء والتقت نائب رئيس الحكومة طارق متري وتناولت جلسة المصارحة ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، وبينهم من احتُجزوا على خلفيات سياسية مرتبطة بمعارضتهم للنظام السابق وجرى البحث في آليات تبادل المعلومات، مع طرح إمكانية إبرام اتفاقية قضائية وأمنية لتسليم المطلوبين وتنظيف السجون من المخالفين.
وللمرة الأولى يُفتح ملف المفقودين في السجون السورية مع جهات قانونية وقضائية سورية بعدما شكل هذا الملف جرحًا نازفًا في العلاقات الثنائية وطلب الوفد السوري من لبنان تزويده بلائحة مفصّلة بأسماء المفقودين والمعلومات المتوافرة عنهم وعن السجون التي احتُجزوا فيها، من أجل تتبّع أثرهم، وهو ما ترك لدى الجانب اللبناني انطباعًا بأن هناك نية لإحداث اختراق فعلي، وإن كان الطريق لا يزال طويلًا وصعبًا. لكن ما لا يدركه الجانب القضائي السوري أنه حتى اللحظة لا يملك لبنان داتا موثقة عن مكان الأقبية والسجون التي اعتُقل فيها مئات اللبنانيين في سوريا في عهد النظام السابق ولا توجد داتا موثقة للـ “دي إن آي”.
أما اللافت في المباحثات التي تطرقت إليها اللجنة القانونية – القضائية فتمثل في طرح مسألة اغتيال شخصيات حامت الشبهات عن مسؤولية الأمن السوري في عهد النظام السابق عنها.فهل كانت عملية ” خلط الملفات عشوائياً” مقصودة؟
مصدر قضائي يستغرب إقحام ملف الإغتيالات التي حصلت في لبنان إبان حقبة الإحتلال السوري في قضية الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية ويقول لـ”المركزية” ” هذا الربط بين هذه الملفات غير وارد فلكل منها خصوصياتها ومرجعياتها الأمنية ولا علاقة بتاتاً للإغتيالات بمسألة السجون وهذا الملف لا يتم التباحث في تفاصيله مع وفد قانوني-قضائي مكلف بالبحث في مسألة الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية”.
ويتابع” يجوز أن تطلب الدولة لاحقا من هذه اللجنة مدّها بمعلومات عن جرائم الإغتيال في حال كانت تملك اية معلومات لكن لا نعرف إذا كان فتح هذا الملف وربطه بملف الموقوفين السوريين من باب التضليل “.
في ما يخص قضية الموقوفين السوريين يوضح المصدرأنه “يجب التمييز بين من ارتكب جرائم سرقة أو قتل أو سلب وبين من ارتكبوا جرائم بحق الجيش اللبناني. في الشق الأول يحق للدولة السورية أن تطلب من الدولة اللبنانية استردادهم لمحاكمتهم في سوريا واحالتهم امام القضاء السوري وإصدار الأحكام بحقهم في حال لم تتم محاكمتهم بعد في لبنان. أما الذين صدرت بحقهم أحكام فيتوجب على الدولة السورية استكمال فترة محكوميتهم وفق الحكم الصادر عن القضاء اللبناني”.
هذا في القانون، لكن في الواقع الكلام يختلف. “فالموقوفون السوريون الذين تطالب الدولة السورية باستردادهم لم تصدر في حقهم أحكام بعد وهم ينتمون إلى تنظيمات إرهابية . فإذا كانت هناك نية لدى الدولة اللبنانية بتسليمهم للقضاء السوري عليها أن تفرض شروطها حتى لا تكون العملية مجانية ويصارإلى مقايضة كل موقوف سوري كان ينتمي إلى تنظيم إرهابي بموقوف أو سجين لبناني في السجون السورية وإلا ما جدوى المفاوضات؟ اللهم إذا كانت الدولة اللبنانية على اطلاع بداتا الموقوفين اللبنانيين في السجون السورية. وإذا لا،عليها أن تسأل وتضع شروطها” .
وإذ يلفت المصدر إلى أن الدخول في لجنة مفاوضات يؤكد أن عملية التسليم لن تكون مجانية وهذا ضروري إذ أن الموقوفين السوريين متهمون بقتل عناصر في الجيش اللبناني ولا يجوز ان يصار إلى تسليمهم من دون مقابل، إلا أنه يلفت إلى تقصير القضاء اللبناني في التأخر بمحاكمة هؤلاء الموقوفين وهذا يضعف موقف الدولة اللبنانية “.
في اي حال المفاوضات لا تزال في أول الطريق والمسار طويل “أما إذا سارت الأمور وفق مبدأ إتفاق على التسليم من خلال جلسة أو جلستين فهذا يعني أن الإتفاق لا يساوي قشرة بصلة”.
ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية وهو الأكثر تعقيداً في ظلّ المعلومات المتضاربة عن مصيرهم، والتي كانت سبباً في توتير العلاقة بين البلدين بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان في ربيع العام 2005، حيث رفضت السلطات السورية الإفصاح عن معلومات كاملة أو تقديم إحصائيات دقيقة حول عدد المعتقلين اللبنانيين يعود هذه المرة من نافذة سجن رومية. وقد طلب الجانب السوري تزويده بلائحة مفصلة بأسماء جميع المفقودين اللبنانيين، والمعلومات التي كانت متوفرة للدولة اللبنانية أو لذوي المفقودين عن السجون السورية التي كانوا فيها لتتبّع أثرهم والكشف عن مصيرهم.
رئيس جمعية المعتقلين في السجون السورية علي ابو دهن يؤكد لـ “المركزية” أن اللجنة المشتركة اجتمعت باللجنة التي تشكلت من قبل الدولة ولم يتم الإتصال بجمعية المعتقلين أو المفقودين. ويلفت الى أن الكلام عن تبادل السجناء إذا حصل فيكون مع موقوفين وسجناء لبنانيين من غير عداد المعتقلين لأنه بات مؤكدا أنه لا يوجد أي معتقل لبناني حي في المعتقلات السورية لكن المطلوب الكشف عن معلومات حول مكان وجود رفاتهم.
أكثر ما يخشاه أهالي المعتقلين في السجون السورية أن يكون مسار مفاوضات اللجنة المشتركة بمثابة عملية تضليل لإقفال الملف على ثابتة بأن لا معتقلين ولا رفات أو بهدف تمييع الملف وأن ينتهي الأمر باسترداد الموقوفين السورييين في السجون اللبنانية من دون أن يصار إلى التبادل حتى مع رفات المعتقلين بحجة “لا معلومات” .
أما الإحتمال الأخير فقد عبر عنه مصدر قانوني بالقول”أن المسألة مجرد بداية الطريق لإعادة فتح الباب أمام عودة العلاقات اللبنانية – السورية وهذه المرة من باب لجنة قانونية- قضائية، فتفاءلوا خيرا”.