
أظهرت دراسة أسترالية أن العَرق يمكن أن يكون مصدراً ثرياً بالمعلومات البيولوجية، وأن دمجه مع التقنيات الذكية والذكاء الاصطناعي قد يُحدث ثورة في مراقبة الصحة والكشف المبكر عن الأمراض.
وأوضح الباحثون في جامعة التكنولوجيا في سيدني أنه يمكن استخدام العرق لمراقبة الهرمونات، والمؤشرات الحيوية، وجرعات الأدوية، والكشف المبكر عن أمراض مثل السكري والسرطان وباركنسون وألزهايمر، ونُشرت النتائج، الاثنين، بدورية (Journal of Pharmaceutical Analysis).
والعرق ليس مجرد وسيلة لتبريد الجسم، بل يحمل ثروة من الإشارات البيولوجية التي تعكس صحة الإنسان وحالته الفسيولوجية. إذ يحتوي على مؤشرات حيوية متعددة، مثل الهرمونات والمستقلبات، التي يمكن تحليلها للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة، وتتبع مستويات التوتر، ومراقبة استجابة الجسم للأدوية. ومع التطورات الحديثة في الأجهزة القابلة للارتداء والذكاء الاصطناعي، بات بالإمكان جمع هذه البيانات وتحليلها بشكل مستمر، ما يجعل العرق أداة تشخيصية واعدة وغير تدخّلية لمتابعة الصحة اليومية بدقة.
وتشير الدراسة إلى أن الجيل الجديد من الأجهزة القابلة للارتداء، مثل الملصقات المرنة لجمع العرق، قادر على تحليل المستقلبات الحيوية بشكل متواصل ونقل البيانات لاسلكياً. وتعمل هذه الأجهزة إلى جانب الذكاء الاصطناعي على تفسير الأنماط البيوكيميائية المعقدة، لتزويد المستخدمين برؤى صحية شخصية وتنبيهات مبكرة للأمراض.
وتشمل الفوائد العملية لهذه التقنية تمكين الرياضيين من مراقبة ما يُعرف بـ«اختلال توازن الكهارل»، عبر متابعة مستويات الأملاح والمعادن الأساسية في الجسم للكشف عن أي نقص أو زيادة قد تؤثر في وظائف العضلات والأعصاب وترطيب الجسم. كما يمكن استخدامها لإثبات خلو الرياضيين من المنشطات قبل المنافسات.
ويُتوقع أن يستفيد منها مرضى السكري عبر تتبّع مستويات الغلوكوز في العرق بدلاً من فحوص الدم التقليدية، إضافة للأفراد المهتمين بالصحة من خلال مراقبة هرمونات التوتر والكشف المبكر عن الأخطار الصحية المزمنة.
وبحسب الفريق، يستطيع الذكاء الاصطناعي حالياً معالجة كميات ضخمة من البيانات وربط الإشارات الجزيئية الدقيقة في العرق بالحالات الفسيولوجية المختلفة. وتتمثل الخطوة التالية، وفقاً لهم، في دمج هذه القدرات مع أجهزة صغيرة منخفضة الطاقة وآمنة لنقل البيانات.
ويشير الباحثون إلى أن جمع العرق سهل وغير مؤلم، ما يجعله بديلاً عملياً للدم أو البول، خصوصاً لمتابعة الصحة بشكل مستمر. كما أن مستخدمي الأجهزة القابلة للارتداء، مثل ساعات «أبل»، قد يستفيدون من المعلومات الصحية التي يمكن أن يوفرها العرق.
ويعمل فريق جامعة التكنولوجيا في سيدني حالياً على فهم الخصائص الفسيولوجية للعرق، إلى جانب تطوير أجهزة شديدة الحساسية لرصد كميات ضئيلة من المؤشرات الحيوية مثل الغلوكوز والكورتيزول. ورغم أن معظم هذه الأبحاث لا تزال في مرحلة النماذج الأولية، فإن الاهتمام التجاري يتزايد.
ويؤكد الباحثون: «لسنا بعيدين عن مستقبل يمكن فيه للأجهزة القابلة للارتداء قياس مستويات هرمونات التوتر لديك، ومتابعة هذه البيانات على المدى الطويل لتقدير خطر إصابتك بحالات صحية مزمنة».




