سلايداتمقالات

رجع أيلول..

كتبت: كفا عبد الصمد

كأنني لم اعد اقوى على الذكرى، تخونني الذاكرة، او لعلني ادخلها قسرا في سبات عميق، موت سريري يمنعها من الهمس في داخلي، واسترجاع صورا ما عدت قادرة على تذكرها..

للمرة الاولى منذ ان بدأت اكتب لك، افرح لغيابك، وافهم كم كنت محظوظة لانك بعيدة، صامتة، غريبة، تعيشين على فتات صور قديمة، وتظنيها انها لم تكبر، توقف الزمن هناك حيث كانت ضحكتك تملأ المكان وصخب الحياة يضيق على احلامك…

متعب رحيلك، وكلما مرت سنة كان وقعه اقسى وامر… قاهر هو الموت، مستبد وظالم، يأخذ من تليق بهم ولهم الحياة، على غفلة، في لحظة سوداء، لا يبالي بالنتيجة، يفرض سطوته ويرحل.. لكن اوتعلمين بدأت أحبه لأنه قد يكون خطفك منا بسبب استهتار عظماء بلادي، لكنه رحمك من العذاب الذي يحيطنا، لو كنت معنا لكنت تمنيتيه بدل المرة الف مرة، اسكرتنا مرارته صحيح لكنه رحمك من عذاب لا نهاية له… اخيرا وبعد 34 عام، نجحت في ترويض نفسي على تقبل فكرة الموت ببساطة، ورؤية الوجه الآخر لهذا المتحكم ببقاءنا، واتقبل موتك بالذات بطواعية، على اعتبار انه شكل وسيلة رحمتك من متاعب الحاضر، وتركك طيفا يحوم فوق رؤوسنا، لا نراه لكننا نشعر بوجوده..

احتاجك كثيرا واليوم اكثر من ذي قبل، احتاج سماع صوتك، وملامسة وجهك، احتاج ان اشعر بامومتك التي سلبت مني قبل ان اعتاد عليها…

رجع ايلول بوشاحه الاسود ووجهه المشؤوم، اكرهه واخافه، لم يحمل لنا سوى المآسي، يطل كل عام ليفتح جرحا لا يتوقف نزفه، باسطا يديه مبتسما، لا يأبه بما فعله ولا بنتيجة ما أوصلنا اليه..

رحيلك موجع والاقسى منه الوقوف على اعتاب الماضي منهكة، متعبة، مدمرة احاول البحث عن قبلة غافلة او ضمة سريعة، تشعرني باني ذات يوم كنت طفلة وكانت لي اما…

يا جزء من الماضي ويا كل الحياة الف تحية وسلام لروحك اينما كانت…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى