سلايداتمقالات

لبنان: خلاف مدير الأمن وقضاة النيابة قيد الإحتواء

كتب يوسف دياب في الشرق الأوسط:

دخل الخلاف بين المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللبناني اللواء عماد عثمان وقضاة النيابات العامة مرحلة الاحتواء، عبر اجتماع ضمّ عثمان والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات في مكتب الأخير في قصر العدل. وأكدت مصادر مواكبة للاجتماع أن «النيابة العامة التمييزية لا تبدي أي تحفّظ على أداء قوى الأمن، قيادة وضباطاً وأفراداً». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «المعلومات التي سرّبها قضاة في النيابات العامة عبر تطبيق (واتساب) وزعمت أن مذكرة اللواء عثمان (للانتقال إلى موقع أي جريمة مباشرة) مخالفة للقانون وبعيدة عن الواقع»، مشيرة إلى أن «المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري أعطى خلال اجتماع الأمن المركزي الذي عقد برئاسة وزير الداخلية بسام مولوي موافقته المسبقة لقوى الأمن الداخلي ورجال الضابطة العدلية، للانتقال إلى موقع أي جريمة وتوقيف المشتبه بهم في حال الجرم المشهود».

وأثارت مذكرة عثمان غضب قضاة النيابات العامة الذين لوّحوا بتحرّك ضدّ إجراءات مدير الأمن الداخلي، معتبرين أن اللواء عثمان «أخذ دور المدعي العام وأعطى الأوامر لعناصره بتوقيف الأشخاص المشتبه بهم، من دون الحصول على إشارة قضائية»، علماً أن جميع قضاة النيابات العامة، سواء المدعون العامون أو المحامون العامون، يواصلون إضرابهم المفتوح منذ بداية شهر يونيو (حزيران) الماضي، ويرفضون تلقي الاتصالات من رجال الضابطة العدلية أو إعطاء الإشارة لتوقيف متشبه بهم حتى ممن ألقي القبض عليهم بالجرم المشهود، سواء أكانت الجريمة جنحة أم جناية حتى لو كانت جريمة قتل، بحجّة تردّي أوضاعهم المالية وتدني قيمة رواتبهم والتقديمات الصحية والاجتماعية لهم ولأسرهم.

واستغرب اللواء عثمان الحملة الإعلامية التي تطوله شخصياً، وأكد أنه طلب لقاء القاضي عويدات لتوضيح ما حصل، محذراً من أن «هناك من يريد ضرب الأمن في لبنان، وهذا لن نسمح به». وقال عثمان إن «المذكرة التي يثار حولها اللغط لأسباب مجهولة، هي مذكرة داخلية صدرت منذ شهرين، وكأن البعض يعتقد أن الأمن ليس سبباً مهماً يستدعي الاهتمام والمتابعة»، مشدداً على أن «الهدف من المذكرة حثّ ضباط وعناصر قوى الأمن على القيام بواجباتهم، واتفقنا مع النيابة العامة التمييزية منذ زمن على معالجة مسألة الإشارة القضائية في ظلّ الاعتكاف القضائي القائم».

وجزم المدير العام لقوى الأمن الداخلي بعد الاجتماع بالنائب العام التمييزي، بأن «فكرة التوقيف الاحتياطي في الجرم المشهود تستند إلى نص المادة 46 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، التي تنصّ على أنه ينتقل الضابط العدلي إلى مكان الجريمة المشهودة ويلقي القبض على المشتبه بهم». وأوضح أيضاً أن «المادة 217 من قانون قوى الأمن تفرض على عناصر الضابطة العدلية إلقاء القبض على الأشخاص المشتبه بهم عند وقوع الجرم المشهود».

ولا يزال الاضراب القضائي المستمرّ منذ 6 أشهر، يلقي بثقله على واقع المواطنين ويلحق الظلم بحقوق الناس، خصوصاً الموقوفين المعلّقة ملفاتهم، ويؤجّل البت بطلبات إخلاء سبيلهم. واللافت أن الاعتكاف القضائي بات يثير استياء مراجع قضائية، ورأى مصدر قضائي بارز أن «الحركة الاعتراضية للقضاة لم تعد مبررة، إذ لا يعقل أن يستنكف القاضي عن القيام بواجبه، وأن يرفض المدعي العام تلقي الاتصالات من الضابطة العدلية وإعطاء الإشارات، ومن ثم يعترض على التوقيفات التي تنفذها فصائل قوى الأمن الداخلي، أقله بالجرائم المشهودة». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «القضاة المستمرين بالاعتكاف احتجاجاً على الأوضاع المالية فقدوا مبرر توقفهم عن العمل، خصوصاً أنهم يتقاضون منذ 3 أشهر مبلغاً مالياً قدره ( 1500 دولار أميركي نقداً) بالإضافة إلى راتبهم الشهري، عدا منحة 200 لتر بنزين شهرياً».

وقال: «كل النيابات العامة متوقفة عن ممارسة دورها، ومن يسدّ الفراغ في عمل النيابات العامة بشكل أساسي ويومي هو المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري، الذي يعطي مئات الإشارات للضابطة العدلية يومياً بما يخص الجرائم التي تحصل على كل الأراضي اللبنانية.

كما يتولى هذه المهمة أيضاً قضاة النيابة العامة التمييزية، كلّ حسب مناوبته اليومية، مع تسجيل حالة استثنائية للمدعي العام في جبل لبنان رهيف رمضان الذي يغرّد خارج سرب زملائه المعتكفين».

وباءت كلّ محاولات إقناع القضاة بتعليق الإضراب المفتوح، ولم يخف المصدر القضائي أن «القضاة المعتكفين لم تعد لديهم مرجعية تنظّم تحركاتهم»، كاشفاً أن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود «طالبهم خلال الجمعية العمومية التي انعقدت قبل أسبوعين بفكّ الإضراب، ولو جزئياً، وتسيير الحالات الاستثنائية والعمل بدوام جزئي ولو ليوم أو يومين في الأسبوع، خصوصاً أن الأزمة المالية آخذة في طريقها نحو الحلّ، لكنه لم يلق آذاناً صاغية». وسأل: «كيف يعتكف القضاة عن العمل، لكن عند قبض المساعدة أو أي منحة ينتقلون من المناطق إلى بيروت وتختنق المواقف بسياراتهم؟!».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى