سلايداتمقالات

الفراغ الكامل

كتب طوني فرنسيس في نداء الوطن:

لم تقدّم خطابات نهاية عام وبدء آخر، أي جديد يُضفي تغييراً في صورة بلدٍ مأزوم وشعب عاجز. على المستوى الرسمي فراغٌ في كلّ الأنحاء وشللٌ مستدام. لا رئيس للدولة ولا حكومة مكتملة المواصفات الدستورية، ولا مجلس نواب قادر على ممارسة دوره التقليدي. رئيس الجمهورية محتجز في علبة مواصفات «حماية الظهر»، ورئيس الحكومة المكلّف بتصريف الأعمال معتقلٌ في زنزانة الاجتهادات السياسية، ومجلس النواب المكلّف بمهمة وحيدة هي انتخاب الرئيس يواصل محاولات الهروب إلى بحث في الكابيتال كونترول ربما انتهت الحاجة إليه.

 

أركان السلطة الثلاثة في غياب تام، يضاف إليها الركن الرابع، القضاء. فبسببها ولأجلها غاب القضاء أيضاً ومعه غابت المحاسبة عن أي شيء، بدءاً بجريمة بيروت «النووية» التي أودت بالمئات وأضرّت بآلاف المواطنين، بصحتهم وممتلكاتهم وأرزاقهم. الفراغ عميماً كان في نهاية سنة وبداية أخرى. وهو فراغ يقود إلى تفريغ 150 ألف لبناني هاجروا في العام المنصرم. وخلال السنوات الثلاث الماضية غادر 10 في المئة من اللبنانيين وطنهم، أي واحد من كل عشرة مواطنين، وانخفض عدد المقيمين إلى 3.5 ملايين يعيشون إلى جانب عدد مماثل من اللاجئين السوريين والفلسطينيين والعرب، في واحدة من إحدى بؤر الجوع العالمية العشرين الأولى حسب أرقام «اليونيسف».

 

مع ذلك، يجد قادة فاعلون الفرصة مناسبة لمحادثة الجمهور عن إنجازات إيران ودور قاسم سليماني، ويستعدون مع آخرين للمباركة في انقلاب 8 آذار السوري، ويدعون مئات ألوف القادمين للقاء أهلهم في عطلة الأعياد، عبر مطار بيروت، بصور شهداء محور «المقاومة» من صنعاء إلى طهران. يشيد هؤلاء بطهران، وأهل إيران يحرقون الصور ويهتفون ضد الدكتاتور، وفيما محسن هاشمي رفسنجاني يشكو لصحيفة «جمهوري اسلامي» من أنّ «الإجماع العالمي ضد النظام الإيراني غير مسبوق»… ويدافعون عن نظام سوري احتفل 19 ألفاً من مواطنيه بنيلهم الجنسية الألمانية في عام واحد، فيما ينتظر خمسة ملايين آخرون الاندماج في أوروبا التي لجأوا إليها من بين قارات اللجوء الأخرى.

 

قليل من احترام الذات والبلد يا سادة التطبيل والتزمير. عودوا إلى بلدكم فهذا أبسط الإيمان، أقلّه كلفة وأكثره جدوى.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى