كتب منير الربيع في المدن:
نجحت حركة حماس مجدداً في إحراج رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من خلال تقديم إجابات إيجابية حول مقترح الرئيس الأميركي، جو بايدن، لوقف النار في قطاع غزة، والعمل في سبيل إطلاق سراح الرهائن.
عزلة إسرائيل
كما هو معروف، فإن الصفقة ستكون مجزأة على مراحل ولأسابيع عديدة. هناك طموح لدى الإدارة الأميركية في إطالتها وتمديدها لإرساء نوع من الهدوء، تستفيد منه إدارة بايدن انتخابياً. حسب ما تكشف مصادر متابعة ومواكبة لمسار التفاوض، الذي جاب عواصم عديدة في الفترة الماضية، ظهر تقاطع إرادات أميركية، قطرية، مصرية، إيرانية مع حركة حماس حول ضرورة وقف النار.
أمام هذا التقاطع تبقى إسرائيل في حالة عزلة، وبحالة انقسام على الذات. إذ أن هناك العديد من الوزراء أو من القوى السياسية الإسرائيلية المعارضة تدفع في اتجاه اتمام الصفقة. في المقابل، يهدد اليمينيون المتطرفون نتنياهو بإسقاط حكومته في حال أتم الصفقة. وأيضاً، فإن إسرائيل ستكون مصلحتها في إطالة حرب الاستنزاف في غزة ولبنان إلى ما بعد الانتخابات الأميركية.
حماس وحلفاؤها
تكشف المصادر المتابعة أنه بنتيجة الاتصالات الإيرانية الأميركية، والأميركية القطرية، أقدمت حماس على خطوتها، وسط معلومات تفيد بأن نقاشات عديدة حصلت بين حركة حماس وحلفائها في محور المقاومة، ليس فقط للبحث في هذه الصفقة وأهمها وقف إطلاق النار، وإنجاز صفقة تبادل الأسرى والرهائن، في مقابل كلام الإسرائيليين عن الانتقال للمرحلة الثالثة، وهو ما يمكن أن يؤسس لهدنة، بل إن التنسيق يشمل تحضير حركة حماس لورقة سياسية شاملة حول اليوم التالي ومستقبل قطاع غزة.
كل هذه الملفات حضرت في مباحثات حماس مع حلفائها، وهي أيضاً حضرت في الاجتماع الذي عقد بين وفد من الحركة برئاسة القيادي خليل الحية وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
تؤكد المصادر القريبة من الطرفين أن كل قوى المحور تلتزم بما تقرره حماس، وأن ما يجري هو نوع من التنسيق والتشاور، ولا أحد يملي على حماس ما تقرره. ولكن هناك استفادة من تجارب القوى الأخرى وخصوصاً حزب الله الذي مرّ في مثل هذه الحالات، لا سيما على الصعيد السياسي اللبناني الداخلي، وهو مشابه للواقع الفلسطيني في ظل الانقسام القائم، وعلى الصعيد العسكري إثر حرب تموز 2006، وعلى صعيد التعاطي مع المجتمع الدولي والقرار 1701.
ورقة حماس
تشير المعلومات إلى أن الورقة التي تعمل عليها حماس ستكون شاملة، ويتم التحضير لها للمرحلة المقبلة، لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، بينها رؤية الحركة لإعادة الإعمار وكيفية إنجازه، ومن هي الدول التي ستكون منخرطة بذلك، بالإضافة إلى واقع الجسم العسكري للحركة والذي ستحتفظ به، ولكن بشكل لا يكون مستفزاً للآخرين. وهنا يمكن اعتماد النموذج نفسه الذي اعتمده حزب الله بعد حرب تموز، من خلال إخفاء المظاهر المسلحة في جنوب نهر الليطاني، مع الاحتفاظ بتعزيزاته وجهوزيته. كما أن البحث في الورقة يتناول مستقبل قطاع غزة بالمعنى السياسي، خصوصاً أن حماس لا تزال حاضرة بقوة سياسياً وشعبياً وعلى الأرض. وهنا سيتم التركيز على العمل السياسي وعبر الجمعيات المعنية بالخدمات والمساعدات. أما النقاش الأهم فهو حول كيفية التنسيق مع القوى الدولية والدول العربية، وكيف يتم ضبط الوضع في غزة، ومن هي القوى التي توافق عليها الحركة لمراقبة تطبيق الاتفاق وتثبيته، لأنه لا يمكن التنسيق مع أي طرف مستفز لها.
جزء من النقاشات يتركز أيضاً على وضع الجبهة اللبنانية، وسط معلومات تفيد بأنه في لحظة الوصول إلى وقف إطلاق النار في غزة، فإن لبنان سيلتزم بذلك من جانبه أيضاً. وسيكون مستوى العمليات متوازياً مع مستوى العمليات العسكرية في غزة، ما سيفسح المجال أمام الإنكباب الديبلوماسي على التفاوض من أجل الوصول إلى حلّ يرسي استقراراً طويل الأمد.