
كتب يوسف دياب في الشرق الأوسط:
وفتح لبنان وسوريا رسمياً قنوات التواصل المباشر بينهما، لحلّ الملفات العالقة بين البلدين، وأهمها قضية المفقودين اللبنانيين في سوريا، وملفّ السجناء السوريين في لبنان، وترسيم الحدود، ووقف التهريب.
وبدأت الخطوة الأولى للتعاون في الأول من شهر سبتمبر الحالي، باستقبال نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري وفداً رسمياً سورياً ضم الوزير السابق ومدير الشؤون العربية في وزارة الخارجية محمد طه الأحمد، الوزير السابق محمد يعقوب العمر مسؤول الإدارة القنصلية، ورئيس الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسرياً محمد رضا منذر جلخي، وتركز البحث على القضايا المشتركة وسبل معالجتها، بما يعزز الثقة والاحترام المتبادل والرغبة الصادقة في التعاون بين البلدين. وبحث اللقاء مسائل المعتقلين والمفقودين السوريين في لبنان والمفقودين اللبنانيين في سوريا، والتعاون في ضبط الحدود ومنع التهريب. وعلى أثر الاجتماع، تشكلت لجنتان من البلدين، عقدتا أول لقاء في دمشق، الاثنين، حسبما أعلن وزير العدل اللبناني.
تعزيز الثقة
وصف متري لقاءه مع الوفد السوري بأنه «اتسم بالمرونة والانفتاح، وأكدنا أن الاجتماع ليس لبناء الثقة بين البلدين بل لتعزيزها، خصوصاً بعد الخطاب الأخير للرئيس أحمد الشرع، الذي أعلن فيه تجاوز المرحلة الماضية، وما فعله (حزب الله) في سوريا، وأنه يتطلّع إلى مرحلة جديدة مع لبنان مبنية على التعاون والإيجابية». وأكد متري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المحادثات مع الوفد السوري «تناولت أربع ملفات أساسية، الأول قضية الموقوفين السوريين والمفقودين اللبنانيين في سوريا، والثاني عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، والثالث ضبط الحدود ومن ثم ترسيمها، والرابع مراجعة الاتفاقات اللبنانية ـ السورية».
وكشف نائب رئيس الحكومة اللبنانية عن «إعطاء الأولوية لضبط الحدود، لا سيما محاربة تهريب الكبتاغون من سوريا إلى لبنان وأحياناً من لبنان إلى سوريا»، لافتاً إلى أن الأولوية الثانية ركّزت على ملفّ السجناء السوريين في لبنان. وقال: «تحدثنا عن أهمية إبرام اتفاقية قضائية تلحظ شروط الإفراج عن السجناء والموقوفين».
وأضاف: «ألفنا لجاناً متخصصة بهذه الملفات، وبدأت أول اجتماع في دمشق، على أن يكون هناك اجتماع ثانٍ في بيروت قريباً». وشدّد نائب رئيس الحكومة طارق متري على أن «اللقاء مع الوفد السوري سيؤسس لمرحلة من التعاون، ولمسنا كل التجاوب، وأبلغونا أنهم سيبنون على الارتياح القائم في لبنان حيال خطاب الرئيس الشرع، بما يعزز الثقة بين البلدين الشقيقين».
تعاون قضائي وأمني
لم يمض أسبوع واحد على زيارة الوفد السوري لبيروت، حتى عقدت اللجنة القضائية الأمنية اللبنانية اجتماعاً في العاصمة السورية دمشق.
وأعلن الوزير نصّار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الوفد اللبناني «طلب معلومات عن مصير اللبنانيين المفقودين والمخفيين قسراً في سوريا منذ عقود طويلة»، لافتاً إلى أن الجانب السوري «أبدى اهتماماً كبيراً بوضع السجناء السوريين في لبنان، وقدّمت اللجنة اللبنانية رؤيتها لهذا الموضوع، وأبلغت السوريين بأن هذا الموضوع يحتاج إلى أطر قانونية، فإذا تم وضع معاهدة قضائية بهذا الخصوص، فيمكن حينها تحديد عدد السجناء الذين تنطبق عليهم شروط التسليم إلى بلادهم».
تجاوب سوري بترسيم الحدود
التطوّرات التي حصلت في الأيام الماضيّة بدّدت هواجس كبيرة لدى اللبنانيين، خصوصاً مع التجاوب السوري في مسألة ترسيم الحدود بين البلدين، وأفاد مصدر لبناني شارك في اجتماع دمشق، بأن اللجنة اللبنانية ضمّت فريقاً قضائياً وفريقاً أمنياً، ركّز الأول اهتمامه على قضية المخفيين في سوريا، وقدّم توضيحات للجانب السوري عمّا يمكن أن يفعله لبنان بمسألة السجناء السوريين، فيما بحث الثاني مسألة ترسيم الحدود، ولمسَ تعاوناً كبيراً في هذا الصدد.
وكشف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن الوفد القضائي ضمّ كلاً من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي كلود كرم، ومفوض الحكومة المعاون القاضية منى حنقير، والمسؤول عن ملفّ السجون في وزارة العدل اللبنانية القاضي رجا أبي نادر. وقال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه: «كان لقاء تعارف، وهي المرّة الأولى التي نجلس فيها وجهاً لوجه، سيتبعه لقاءات أخرى، وبدأ كل فريق يوضح الأمور التي تهمّه».
وأشار المصدر إلى أن الوفد اللبناني سلّم نظيره السوري لائحة بأسماء اللبنانيين المخفيين في سوريا منذ سنوات طويلة، كما أن الطرف الآخر سلّم أسماء سوريين لديهم مشاكل في لبنان، وتمنى التعاون في حلّها.