
كتبت ندى أندراوس في المدن:
يُعقد مجلس الوزراء يوم الخميس المقبل، في التاسع من تشرين الأول الجاري مبدئياً، وسط ترقّب للمواضيع التي ستُطرح على جدول الأعمال. وفي هذا السياق، برز اللقاء الأخير في بعبدا بين رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، حيث شكّل ملف صخرة الروشة محور النقاش الأساسي.
سلام عرض وجهة نظره معتبراً أنّ الترخيص الذي منح للجمعية المنظمة للتجمّع جرى تجاوزه، وسأل عن سبب عدم تدخّل الجيش والقوى الأمنية لتفريق المتظاهرين ومنعهم من إضاءة الصخرة، مؤكداً وجوب اتخاذ إجراءات بحق الأشخاص الذين تجاوزوا القانون.
الرئيس عون ردّ مؤكداً احترامه لموقف سلام، لكنه شدّد على أنّ الجيش وقوى الأمن “خط أحمر” لا يجوز زجّهما في زواريب المصالح والحسابات السياسية، موضحاً أنّ الجيش والقوى الأمنية تصرّفوا بحكمة، إذ حافظوا على أمن المتجمعين ومنعوا أي اختراق أو احتكاك يمكن أن يشعل الفتنة. وأضاف: “خالف المنظمون شروط الترخيص نعم، لكن المعالجة تقع على عاتق المعنيين وليس الجيش أو قوى الأمن”. وسأل عون إذا كان المطلوب أن يُضرب المتجمعون أو تطلق عليهم النار أو يحصل اصطدام ومواجهة؟
سلام تمسّك بموقفه لناحية أن تتخذ الدولة إجراءات بحق المخالفين. وبالتالي أن تقوم النيابة العامة بدورها، وهذا ما يحصل حالياً. فأجابه عون بأن لا مانع لديه من أن تتابع النيابة العامة الملف قضائياً بحق المخالفين، شرط ألّا تُحمَّل المؤسسات العسكرية والأمنية مسؤولية ما جرى.
الروشة بين الجلسة والتجاذب السياسي
بالنسبة إلى جلسة الخميس، علمت “المدن” أن هناك اتجاهاً لإعداد جدول أعمال متكامل، مع توجه لدى رئيس الحكومة إلى طرح موضوع الروشة ومساءلة الجمعية التي حصلت على الترخيص. غير أنّ الرئيس عون نبّه إلى أنّ النقاش في هذا الملف يجب أن يتم بعيداً من الاستفزاز، تفادياً لأي انعكاسات سلبية داخل مجلس الوزراء، الأمر الذي وافق عليه الرئيس سلام.
في المناخ العام، العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ليست في أفضل حالاتها، لكنها أيضاً ليست في أسوئها. فهي “علاقة عادية”، لا “غرام ولا انتقام”، كما يصفها أحد المطلعين. كل طرف أبدى رأيه وموقفه وتوجهاته. على الصعيد الشخصي لا إشكاليات بين الرئيسين، أما على مستوى الملفات فتبرز تباينات اتفقا على معالجتها بالحوار، من دون أن تصل الأمور إلى حدّ المقاطعة أو المواجهة، خلافاً لما روج البعض. “فالمقاطعة أو القطيعة ليست واردة في حسابات أي من الرجلين وليس هناك أي توجه أو نية وإرادة للوصول إلى مواجهة”. ولقاء بعبدا الأخير، رغم التباين حول قضية الروشة، كان إيجابياً وواقعياً، انتهت ذيوله فيما سيستمر الشق القضائي، كما لفتت المصادر. وقد انتهى إلى تأكيد التعاون في الملفات الكبرى، ولا سيما تنفيذ خطة مجلس الوزراء والتأكيد أن حصر السلاح إنجاز سيستمر ولو استغرق وقتاً، “لكنه سيستمر، والجيش سيواصل مهامه وعندما يكتشف مخزناً أو نفقاً أو مخبئاً لن يقف على الحياد. فحزب الله لم يسلم الجيش ورقة أو خارطة أو حتى عناوين لمراكزه وأسلحته.”
تقرير الجيش الأول حول خطة حصر السلاح
في هذا السياق، يبرز البند الأهم على جدول أعمال الحكومة، والمتعلق بعرض الجيش لتقريره الأول عن خطة حصر السلاح. وتشير معلومات “المدن” إلى أنّ الجيش بات جاهزاً لتقديم هذا التقرير، وإطلاع مجلس الوزراء على ما أنجز حتى الآن على صعيد تطبيق الخطة جنوب الليطاني. وفي المعلومات أن التقرير يتضمن تفاصيل عملانية عسكرية على مستوى الانتشار والمصادرات.
التقرير يشرح بالتفصيل المواقع التي انتشر فيها الجيش جنوب الليطاني والمواقع والاسلحة التي صادرها والأنفاق التي دخلها. كما يشير إلى العقبات التي واجهها خلال الشهر المنصرم، سواء بسبب التطورات الأمنية أو بفعل استمرار الاحتلال الإسرائيلي.
كل هذه التفاصيل سيطلع مجلس الوزراء عليها. كما أن التقرير يوثّق الخروقات الإسرائيلية والاعتداءات المتكررة، مؤكداً أنّ استمرار الاحتلال للتلال الخمس يعيق استكمال انتشار الجيش وبسط سلطة الدولة.
يشدّد الجيش في تقريره على التزامه تنفيذ قرار مجلس الوزراء، وتعاونه مع قوات اليونيفيل والجهات المعنية ضمن الميكانزيم برئاسة الولايات المتحدة ضمن الآليات المشتركة والاجتماعات التي شارك فيها، مذكراً بما يحتاج إليه لتعزيز إمكاناته الميدانية واللوجستية بهدف استكمال مهماته.
وسام لقائد الجيش: رسالة أم مصادفة؟
إلى جانب هذه الملفات، ورداً على ما تردد حول توقيت منح رئيس الجمهورية قائد الجيش وسام الأرز الوطني من رتبة الوشاح الأكبر، تشرح أوساط مطلعة أن المرسوم الذي يحمل الرقم 1300 وُقّع في 19 أيلول الماضي، وفق الأصول التي تقتضي توقيع وزير الدفاع ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية. ويستند هذا الإجراء إلى النظام العسكري الذي يحدّد الأوسمة الممنوحة للضباط الكبار. “لا يوجد نص يقول إن الوسام يمنح في نهاية الخدمة، إنما تمنح الأوسمة لكل حسب رتبته. وفيما يخص قائد الجيش توضح المصادر فهو يمنح وسام الارز الوطني من رتبة الوشاح الأكبر، وفقاً للنص.”
لكن تزامن تقليد الوسام مع حملة انتقادات طاولت الجيش بعد واقعة الروشة، فتح باب التأويلات. فالبعض رأى أنّ الرئيس أراد من خلال هذه الخطوة توجيه رسالة دعم إلى المؤسسة العسكرية والتأكيد مجدداً أنّها “خط أحمر”، فيما اعتبر آخرون أنّ الأمر قد يكون مجرد مصادفة زمنية. الاحتمال الاول قد يكون أقرب إلى الواقع، إذ لا تنفي مصادر مطلعة احتمال أن يكون رئيس الجمهورية أراد من تلك الخطوة والتوقيت توجيه رسالة انطلاقاً مما يقوله دائماً إن الجيش خط أحمر، لا يجوز استهدافه بالشكل الذي حصل، وشن حملات تحريضية منظمة ضده. فالرئيس كقائد جيش سابق وقائد أعلى للقوات المسلحة، هو أكثر من يدرك أنه لا يجوز استهداف الجيش أو تحميله ما يتجاوز مهامه، وأن حصر السلاح وبسط سلطة الدولة سيبقيان في صلب أولوياته دائماً.