سلايداتمقالات

الجامعة اللبنانية والخمسين مليون دولار!

كتبت د. فاديا كيروز في اللواء:
صراع ديوك السلطة على النفوذ والمكاسب والمغانم، حجب العديد من الملفات الحساسة والمشاكل المعقدة التي تُعاني منها مرافق عامة في الدولة العليّة، وفي مقدمتها الجامعة اللبنانية.

لقد بلغت التفاهة والوقاحة بأهل الحكم أن يتركوا الجامعة الوطنية الكبرى، والتي تضم أكثر من سبعين ألف طالب، أي ما يساوي ويزيد عن عدد كل الطلاب الجامعيين في الجامعات الخاصة، تتخبط في مجموعة من الأزمات المالية والإدارية، بعدما حجبوا الأموال اللازمة لتسيير هذا المرفق الحيوي، بما فيها رواتب الأساتذة المتفرغين والمتعاقدين والمتقاعدين.

إدارياً، بلغ التدخل السياسي في شؤون الجامعة الزُبى، سواء بالنسبة لتعطيل تعيين عمداء الكليات ومديريها بسبب الخلافات السياسية، أو فيما يتعلق بفتح أبواب التفرغ عشوائياً في المواسم الإنتخابية، أو حتى توقف أعمال الصيانة والنظافة في مباني الجامعة المركزية وفروع المناطق، مما جعل العديد من صفوف الكليات غير مؤهلة لإستقبال الطلاب فيها، أو على الأقل تحولت إلى أماكن لتجمع مياه الأمطار في الشتاء.
غاب أصحاب الكفاءات والاختصاصات العلمية عن هذا الصرح الجامعي الوطني، وحل مكانهم الأزلام والمحاسيب وأصحاب الشهادات المشبوهة، وأصبحت إمتحانات الدخول إلى الكليات النظرية والعلمية أشبه بإختبارات الولاء السياسي والحزبي، فضلاً عن الإنتساب الطائفي والمذهبي، أما الإمتحانات المرجحة في نهاية العام الجامعي فتحولت إلى ما يشبه البازارات السياسية، حيث لا يصل إلى درجة النجاج إلا المدعومين من الكوادر الحزبية ورجال السلطان، ويتخللهم أصحاب الحظوة عند هذا الزعيم أو ذاك الوزير.
أما مناهج التدريس والتجهيزات العلمية فحدّث ولا حرج، حيث أكل عليها الدهر وشرب، وبعضها لم يعد صالحاً للإستعمال، وبعض المواد المقررة تحتاج إلى تطوير وتحديث، بما يتماشى والتطورات العلمية والفكرية المعتمدة في الجامعات المتفوقة.
وبقدر ما سُررنا لتصنيف كل من الجامعات الأميركية والأميركية اللبنانية والعربية واليسوعية، في المراتب الأولى على مستوى لبنان، بقدر ما أصابنا شعور بالحزن والشفقة على أوضاع الجامعة الوطنية التي أصبحت في مؤخرة المراتب الجامعية .
وفيما إضرابات الأساتذة تنهش في جسد الجامعة بسبب الأوضاع المالية والرواتب المتردية، تبقى حصة الجامعة من عائدات لقاحات الكورونا في مطار بيروت ، وتقدر بحوالي خمسين مليون دولار فريش، محبوسة لدى إحدى الشركات المالية التي إفتعلت نزاعاً وهمياً للتهرب من تحويل الأموال المستحقة للجامعة اللبنانية.
إنقذوا جامعة الوطن يا من عجزتم عن الحفاظ على سلامة الوطن!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى